كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

العسكرية وأنصار الحكم المدني. وقد استطاع هؤلاء أن يحصلوا من الحكومة الإمبراطورية على إصلاحات يسيرة في المسائل التفصيلية، ثم أصبحت لهم فيما بعد الكلمة العليا بعد سقوط نابليون الثالث، ومن ذلك الحين أصبح حاكم الجزائر- حتَّى من كان من رجال السلك العسكرى- يسمى الحاكم العام المدني Gouverneur General Civil . ولم يعهد بهذا المنصب السامى منذ عام 1879 إلا الموظفين مدنيين، وقام خلاف آخر لا يقل عن ذلك عنفًا بين الذين يقولون بفرنسية الجزائر والذين يقولون باستقلالها الذاتى. وكان من رأى الأولين أن الجزائر ليست إلَّا امتدادًا لفرنسا، ومن ثم وجب أن تخضع للنظام السياسي والإدارى والاقتصادى الذي تخضع له فرنسا نفسها، وكان الآخرون يرون عكس هذا، فكان من رأيهم أن تمنح البلاد نظما تلائم أحوال أهلها، أو أن تعدل النظم الفرنسية على الأقل بحيث تلائم حاجات الأهلين، وكانت مراسيم عام 1881 التي حدّت من سلطان الحاكم العام، والتي ضمت المصالح الجزائرية المختلفة إلى الإدارات المماثلة لها في فرنسا انتصارًا لآراء الطائفة الأولى. على أن الإصلاحات التي تمت منذ سنة 1896 قد أوحت بها كلها المبادئ التي كانت تنادى بها الطائفة الأخرى، وأهم عمل قامت به الحكومة في تاريخ الجزائر خلال نصف القرن الأخير هو استغلال الأرض، فقد امتد نطاق الاستعمار على منطقة التل بأسرها، بل تعداها إلى منطقة الهضبة من ورائها. وقد أضيفت إلى زراعة الحبوب (وهي التي جرت العادة بزراعتها في إفريقية من أقدم الأزمان) زراعات جديدة أهمها الكروم وكشفت مناجم (الحديد والخارصين والفوسفات) واستغلت وأنشئت مشروعات عامة جديدة كالطرق والسكك الحديدية، ومشروعات الري واستخدام قوة المياه، وتضاعف عدد السكان الأوربيين منذ عام 1870 م، وخطّت مدن جديدة في كل مكان. وليس من غرضنا في هذا المقام التوسع في وصف هذا الانقلاب، وحسبنا أن نقول إنه كان أثرًا من آثار ابتكار الأوربيين ورءوس الأموال الأوربية. أما الوطنيون فكل ما فعلوه

الصفحة 2839