كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

وطنيات. (5) الترك الذين ظلوا في البلاد بعد عام 1830 (6) الزنوج الذين جئ بهم إلى بلاد المغرب عبيدًا وكانوا من نسل العبيد. وهذا التقسيم الذي درج الباحثون عليه لا يطابق الحقيقة الواقعة، فقد امتزجت هذه الأجناس جميعًا، واليوم أصبح هذا الامتزاج تامًّا يكاد يتعذَّر على المرء معه أن يفرق بين الأجناس المختلفة. بل إن الطائفتين الرئيسيتين، وهما البربر والعرب، لا يمكن تمييز إحداهما من الأخرى، فلا اللغة ولا طرائق المعيشة يمكن أن يستخلص منها أساس لمثل هذا التقسيم. ذلك بأن البربر المستعربة قد انصرفوا عن لغتهم وعادتهم، بل نسوا أرومتهم، ومن هؤلاء مثلًا الحَرَاكْتَة والنَمَامشة في ولاية قسنطينة، فهم يدعون أنهم عرب، على الرغم من أنهم في الواقع من بربر هُوَارة، ومنهم اغواط كسل الذين انحدروا من كتامة، وبنى وَسين على تخوم مراكش. أما القبائل العربية فلم يبق منها سوى أسمائها، ذلك أن تسرب البربر المستعربة قد غيرهم كل التغيير. وحدث هذا الاستعراب في نواحى الجزائر الجزائر كلها، ولكنه كان في إقليم وهران أعم منه في أي موضع آخر. والخلاصة: أن تبدد العشائر العربية قد صحبه تبدد لا يقل عنه قوة في العشائر البربرية، ولقد ساعد تجاور الجنسين منذ القرن الرابع عشر على أن يبتلع البربر العرب، وأن يتبدل البرابرة أنفسهم حتَّى لم يعد بين الجنسين فرق ما في هذه الأيَّام. هذا من حيث أصولهم، فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى طرائق معيشتهم وجدنا عادات الطائفتين متشابهة، فليست البداوة من خصائص العرب وحدهم، ولا الحضارة من سمات البربر دون غيرهم، ففي خارج المدن يجد المرء عربا من الحضر وبرابرة من البدو. وعلى الرغم من هذا الامتزاج العام، فإن بعض الجماعات البربرية التي فرت إلى الجبال حيث لا يستطيع الغزاة أن يصلوا إليها، قد احتفظت بلغتها وعاداتها، ومن هؤلاء رجال القبائل وشاوية أوراسوتَراراس ندرومه وبنى سنوس في بلاد تافنة، وبنى مناصر في شرشال، وبعض قبائل أطلس بليدة، ثم المزابية وهم نسل الزناتية الأباضية [ومزاتة وغيرها ومن العرب]. الذين احتفظوا بعادات

الصفحة 2841