كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

يعيشون فيها رأينا أن معظمها خليق بأن يسمى مدنًا، وفي جبال الجنوب (الفجج، القصور، وجبل عمور) يسكن المقيمون من الأهالى قرى محصنة تسمى "قصورًا" تبنى من اللبن وتتخذ فضلًا عن ذلك مخازن للأقوات وأسواقًا وحصونًا، وفي سهول التل نجد الفلاح يحيا حياة مستقرة أيضًا، فهو يعيش في "كربى"، وهي كوخ من العساليج مغطى بالديس (وهو نوع من القصب) ويحيط به على مسافة منه سور من الحسك أو "الزريبة"؛ فإذا تجمعت طائفة من هذه الأكواخ المصفوفة على شكل دائرة سميت بالدوَار. أما في غير سهول التل فالفلاح يبنى بيتًا من الحجر أو مشتى في حجم الكربى وعلى طرازه، تحيط به بيادر تستعمل في أيَّام الحصاد، وأهراء تخزن فيها الغلال. على أن الفلاح ليس مستقرًا استقرار الحضرى: فهو يحب العيش في خيمة كما يحب العيش في الكربى، ويغير مسكنه في يسر. ومن الفلاحين من يقضي الشتاء في الكربى والصيف في الخيمة، ومنهم ينقلون خيامهم مرات متعددة في السنة لكى يستغلوا أراضى نائية، وهم يزرعون عادة القمح والشعير، ولا تزال أدواتهم وطرق الزراعة عندهم بدائية، وتكثر الحاصلات أو تقل حسب وفرة المطر أو ندرته، وكلما بعد المرء عن إقليم التل، قلت ملاءمة الأحوال المناخية للزراعة، فتحل محلها رعاية الماشية، وبهذه الوسيلة تتحول الحياة المستقرة أو الشبيهة بالمستقرة- وهي الحياة الغالبة في التل- إلى الحياة البدوية السائدة في الهضبة، ويحدث هذا التحول تدريجا.
ومن العسير أن نورد بيانًا دقيقًا عن البدو، ذلك لأنَّ غالبية قبائل الأفارقة يأخذون بنصيب من البداوة والحضارة معًا. ويذهب فيو villot إلى أن خير طريقة لتقسيم الأهلين المعروفين بالعرب هي أن نقسمهم إلى طائفتين: عرب يقل نزوعهم إلى الظعن: وعرب رحل. وهؤلاء هم البدو بحق. أما برنار Bernard . ولاكروا lacroix فيقسمانهم إلى الأقسام التالية (1) الرعاة الذين لا يظعنون إلَّا قليلًا جدًّا (من 15 إلى 30 ميلًا) وهؤلاء يتجولون على تخوم التل في أوقات من السنة طلبًا لمراع جديدة

الصفحة 2843