كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

ترعاها ماشيتهم. (2) الرعاة الذين لهم مشات ومصايف مختلفة ولا تبعد إحداهما عن الأخرى إلَّا قليلًا: وبعض هؤلاء الرعاة يقضون الشتاء في الجنوب، وبعضهم يقضونه شمالي أطلس الصحراء. (3) الرعاة الخلص وهم يقضون الشتاء في الصحراء حتَّى إذا ما حل الرَّبيع تركوا مهاجرهم في الجنوب سعيًا وراء الكلأ والمال بين قبائل التل التي تبيح لهم حق ورودهما "فأرباع" الأغواط- مثلًا- يتقدمون حتَّى ثنية الأحد، أما قبائل زيبان وعرب شراقة فيتقدمون حتَّى شاتودان دو روميل rhummel Chateaudun du بين قسنطينة وسطيف، بل إن قبائل أخرى في جنوب قسنطينة تتقدم حتَّى القالة le calle على الساحل وتعرف الهجرة في سبيل المرعى بالرحلة، وتقوم بها عشائر يقودها شيوخها وفق قواعد معروفة، وتتبع طرقًا معينة، وقد أدت الرحلات في الزمن الماضي إلى تبادل كثير في السلع داخل المدن التي تقوم على حدود التل والهضبة، وقد عنى الترك، وكانوا يجبون من الرعاة إتاوة تسمى بالعوسة، بتوطين قبائل المخزن بجوار هذه الأسواق، لكى يضمنوا تحصيل هذه الإتاوة أو إكراه النَّاس على دفعها إن لزم الأمر. وكان أهم ما يتجرون فيه الصوف والبلح يستبدلون بهما الحبوب، ويجب أن يضاف إليهما في هذه الأيَّام عدد معين من السلع المصنوعة في أوروبا، بعد أن أصبحت هذه من ضرورات الحياة عند الرعاة، أما صناعتهم فجد بدائية وتزاولها النساء عادة، وهي تتألف من صناعة الفليج (وهي شرائح من الصوف ووبر الإبل، تخاط بعضها إلى بعض وتصنع منها الخيام) والملابس الصوفية، والأبسطة وبعض الأدوات المنزلية. وحياة البداوة وحياة الاستقرار تعتمدان كلتاهما على الأحوال الجغرافية والمناخية، وقد تاثرتا فوق ذلك بنتائج الأحداث التاريخية والانقلابات الاقتصادية، فلما غزا العرب الهلالية- مثلًا- بلاد إفريقية وضربوا في أرضها اضطرت بعض القبائل البدوية إلى الاستقرار، وأحدث الاحتلال الفرنسى نتائج مشابهة لهذه أو مغايرة لها بما نشره من الأمن والرخاء النسبى في البلاد. ويلاحظ في مواضع متعددة،

الصفحة 2844