كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

وبخاصة فيما بين التل والهضبة، اتجاه واضح بين الأهلين لبناء المشاتى، ونزوعهم الصادق إلى حياة الاستقرار، ومع ذلك فثمة قبائل في مواضع أخرى عمل البؤس والخوف فيها عملهما، فتآلفت فيما بينها واتخذت منازل ثابتة، فلما تحسنت أحوال البلاد في الوقت الحاضر، هجرت حياة الاستقرار، وتركت المنزل إلى الخيمة، وربت قطعانًا جديدة، وعادت إلى حياة الرعى والبداوة. ولعل هذه هي الحال في ناحية القصور.
ولا يزال النظام الاجتماعى للأهلين يقوم على الأبوة الخالصة، ولا تزال الأسرة دعامة المجتمع هناك، وللأب فيها سلطان مطلق. أما المرأة، وقد حرمت في أغلب الأحيان الحقوق التي يخولها لها الشرع الإسلامي، فتعيش في ظروف غير طيبة، فالبنات يتزوجن في سن مبكرة، على الرغم مما بذلَ من الجهود لمنع زواج الفتيات قبلَ سن البلوغ، وتجبر المرأة عادة على القيام بأشق الأعمال، على أنها مع ذلك قد ظل لها أثر قوى بفضل ما تثيره في نفوس الرجال وتعدد الزوجا نادر، ذلك أن قلة الدخل تمنع الرجل من البناء بأكثر من زوجة، ويستدل من إحصاء سنة 1891 على أن المتزوجين بأكثر من واحدة يبلغون بالنسبة إلى مجموع المتزوجين واحدًا إلى ستة (149.000 من 950.000) وتتمتع الأسرة باستقلال يكاد يكون تامًّا، فهي تفعل ما تشاء بأملاكها الثابتة والمنقولة. بل إنها تستطيع أن تهجر القبيلة التي تنتسب إليها وتندمج في سواها. وتضم هذه القبائل التي تندمج فيها الأسر، أبناء الجد الذي تسمى القبيلة باسمه حقيقة كان ذلك أو وهمًا، كما تضم موالى هذه الأسر وأبناءهم، وقلما نجد قبيلة تستطيع أن ترد نسبها إلى أجدادها العرب أو البربر دون أن تختلط بدم دخيل، ذلك بأن أغلب هذه القبائل قد نشأ من امتزاج شعوب مختلفة امتزاجًا حدث في خلال قرون طويلة، ففي العهد التركى مثلًا تكونت بالفعل قبائل من أفراد ذوي أصول مختلفة كانوا يعيشون ذول القطائع العسكرية، وحدث مثل هذا في جوار أقدس الزوايا، فقد نشأت بجوار هذه الأماكن قبائل

الصفحة 2845