كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

أخذت تهاجم أهل السنة منذ البداية، وقد استطاعت الإباضية وحدها أن تبقى في إقليم مزاب. والمالكية هي المذهب الذي تستمسك به الكثرة الغالبة من أهل البلاد، ويلوح أن هذا المذهب قد أصبح منذ القرن الحادي عشر الميلادي هو المذهب السائد في جميع بلاد المغرب بعد أن حل محل المذهب الحنفي الذي كانت له السيادة فيها قبل ذاك، وصار أتباع هذا المذهب الآن مقصورين على بعض بقايا الأسر التركية التي أدخلته إلى الجزائر من جديد في القرن السادس عشر. ولم يعد استبدال مذهب مالك بالمذهب الحنفي في شمالي إفريقية على هذه البلاد بالنفع، وتدرس مبادئ المذهب المالكي في مختصر خليل بن إسحاق (سيدى خليل) وهو أهم المراجع في الشريعة الإسلامية في أرض الجزائر.
على أن انتشار المذهب المالكي في شمالي إفريقية بأكمله لم يقض على الخرافات التي يتشبث بها الأهلون، ولا يزال للشعوذة والسحر مكانة في قلوب الأهلين، ولقد تركت الفترة القصيرة التي انتشر فيها مذهب الشيعة بين البربر كلهم آثارها في بلاد الجزائر، ومن هذه الآثار عقيدة المهدية، فالجزائريون ينتظرون قدوم "مولى الساعة" في يوم من الأيَّام ليطرد النصارى من البلاد. وقد استعان بهذه العقيدة منذ عام 1830 معظم الذين حاولوا إثارة الفتنة في البلاد، ولم تستطع الحكومة استئصال شأفتها من العقول أو إضعاف شأنها على الرغم مما باءت به من الخيبة آنا بعد أن: وثمة ظاهرة أخرى لا تقل عن المهدية شأنًا عند أهل الجزائر المسلمين، وهي تقديس الأولياء ويعرف هؤلاء الأولياء باسم المرابطين. وقد وجدت هذه العادة في بلاد الجزائر، كما وجدت في سائر بلاد المغرب، تربة صالحة لنموها وازدهارها، وسبب ذلك أن أهل تلك البلاد كانوا من أقدم الأزمان شديدى الميل إلى تقديس بنى الإنسان، ويدعو الأولياء في بلاد المغرب أنفسهم بالمرابطين، وسواء كان هؤلاء رجالًا

الصفحة 2847