كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

المدارس شأن كبير في تقريب وجهات النظر بين الأوربيين والوطنيين.
أما أن هذا التقريب مستطاع أو غير مستطاع، فمن المسائل التي كانت موضع البحث منذ عام 1830، وهي مسألة طال فيها الجدل وأجيب عنها أحيانًا بالإيجاب وأحيانًا أخرى بالنفى؛ وقد تبددت منذ أمد بعيد تلك الأوهام التي جالت برؤوس المتحمسين الأولين الذين كانوا يعتقدون أن في الإمكان إدماج الأوربيين والوطنيين لتتكون منهم أمة واحدة بقوة النظم والقوانين دون غيرها، وقد أدى إخفاقهم في هذا السعي إلى إذكاء النظرية المناهضة لها التي تقول بأن الإسلام يحول بين تبادل الوئام بين الأوربيين والوطنيين، وأن الصلات بين الشعبين قد كتب عليها أن تظل أبد الدهر صلات الغالبين بالمغلوبين. ولعل الحقيقة تتوسط هذين الرأيين المتطرفين، فإذا كان مزج الشعبين يعد وهمًا من الأوهام فإن سياسة إخضاع الأهلين وعزلهم لا تساير مقتضيات العصر الحديث. ولا معدى عن الأخذ بسياسة التوفيق القائمة على وحدة المصالح المادية؛ وإن فيما طرأ على أساليب الزراعة من إصلاح وفيما أنشئ من الجمعيات الأخوية التي نمت وزاد عددها على مر الأيَّام، وفي الترحيب الذي قوبل به إنشاء الصيدليات والملاجئ، إن في هذا كله لدليلًا على أن المسلمين لا ينفرون من هذه السياسة، ويضاف إلى هذا أننا وإن قطعنا الرجاء في تغيير عقلية الوطنيين تغييرًا أساسيًا فليس من الأوهام الخيالية البعيدة التحقيق أن نطمع في تطور الحضارة الإسلامية في نطاق أسسها ومبادئها العامة. ولسنا ننكر أن تحقيق هذا الغرض يتطلب كثيرًا من الصبر والعمل المتواصل، وأن ثماره لن تظهر للعيان إلَّا بعد وقت طويل.
المصادر:
عن جغرافيتها:
(1) ابن حوقل، مقتطفات منه تتعلق ببلاد البربر، ترجمة ده سلان في المجلة الأسيوية، السلسلة الثالثة، جـ 13.
(1) البكرى: المسالك (Description de l' Afrique septentr ترجمة ده سلان،

الصفحة 2857