كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 9)

شأن ليس بالهين في تاريخ المغرب الإسلامي، ولسوف نقتصر في هذا المقام على تناول أهم مراحل تاريخه.
في منتصف القرن الأوَّل للهجرة غزا العرب ناشرو الإسلام شمالي إفريقية. وكانت القوة العسكرية لبوزنطة تنهار سريعًا، ولكن إخضاع البربر كان مهمة أشق عسرًا من ذلك، فقد نظمت المقاومة أولًا في المغرب، ويقال أن ذلك تم على يد كسَيلة زعيم أورَبة، وقامت عصابات وطنية اشتبكت قرب بسْكَرَة بعقبة بن نافع في معركة فقد فيها عقبة حياته سنة 63 هـ (682 م). والظاهر أن جبال أوراس بصفة خاصة قد استخدمت معقلًا في الصراع مع العرب. وعند سفوح هذه الكتلة الجبلية شهدت الكاهنة- الملكة الأسطورية للقطر- القضاءَ على استقلال البربر سنة 74 هـ (693 م) وذلك بعد أن حققت نجاحًا باهرًا.
وأصبح المغرب الأوسط مرَّة أخرى مركزًا لمقاومة وطنية في القرن الثَّاني الهجري (الثامن الميلادي) حين اعتنق جماعة البربر مذهب الخوارج، وكان معقلهم الأكبر أول الأمر تلمسان حيث كان أبو قرّا زعيم بنى إفرن يتولى أمرهم سنة 148 هـ 765 م). وفي القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) غدت تيهرت (قرب تيارت الحديثة) قصبة الأئمة الرستمية مركز مذهب الخوارج عند البربر.
وموقع المغرب الأوسط على حدود الإقليم الذي كان يحتله أغالبة القيروان باسم العباسيين، يفسر كيف نشأ سلطان الفاطميين هناك بين بربر كتَامة المنتمين لبلاد القبائل الصغرى، في نهاية القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي). على أن هؤلاء السادة الجدد لم يتقبلهم البربر دون صراع، فقد شهدت جبال الأوراس وأرباضها الفتنة المروعة التي قام بها صاحب الحمار وأوشك الفاطميون فيها أن يخسروا قضيتهم.
وتولت صنهاجة المغرب الأوسط الدور الذي كانت تقوم به كتامة، فأصبحت في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) أنفع الحلفاء للفاطميين وأيدت سياستهم في

الصفحة 2869