كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 10)

وأرباضها، وحال مدينة بجاية، فأعقد من ذلك. فمدينة الجزائر وفحصها بوتقة تنصهر فيها العناصر الحضرية والسكان الريفيون الذين استقروا منذ القدم.
والوافدون الجدد من العناصر الريفية، والبدو الذين قضوا فترة تأقلموا فيها بشلف ومتيجة، ثم جاءوا يتكأكؤون على حياة مدنية تجتذبهم وإن كانت ذات طبيعة عمالية. زد على ذلك أن القبائل تصب مهاجريها هناك في تيار لا ينقطع. والحق إن عنصر القبائل قد استولى بعد على بجاية حتى يجعل من هذه الحاضرة القديمة والمركز الذي ينتمى للقرون الوسطى من مراكز الثقافة العربية مدينة تتحدث بالبربرية.
واللهجات الإسلامية الحضرية لها بصفة عامة، من حيث الصوت، نفس الخصائص التي للهجات القروية واللهجات اليهودية. ولم يحتفظ بالحروف التي تنطق من بين الثنايا إلا القدماء في تنس وشرشال ودليس وقسنطينة. ويسمع في مدية وبليدة ومدينة الجزائر النطق بالحروف الاحتكاكية والحروف المطبقة معا. فيقلب حرف التاء في كل مكان الحرف الاحتكاكى تس. وحرف الصفير الاحتكاكى المجهور يختلف في نطقه: فهو حرف ج أول شمسى بتلمسان وتنس وشرشال، ومدية، وبليدة ومدينة الجزائر ودليس وميلة وقسنطينة، وهو ز في غيرها من البلدان. ويمكن القول بأن الإسراف في تفخيم الراء هو داء يلازم الحضريين بخاصة، وقد سبق أن لاحظنا وجوده في اللهجات اليهودية، وهو شائع في قسنطينة وجيجل وشرشال وللمسان وندرومة (وكذلك في تونس وفاس). وقلب القاف عينا بردة بسيطة لطرف اللسان، قائم في تلمسان. وفي جيجل يستعاض عن ذلك بكاف لهوية، ولكن تبقى القاف في غير ذلك من المدن. ويقيم ابن خلدون الخلاف الأساسي بين لهجات الأقوام المتحضرة ولهجات البدو في المغرب على التباين القائم بين القاف المجهورة التي تنطق غير معطشة نطعية، وما يزال هذا التباين قائما. ولكن تدفق

الصفحة 2912