كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 10)

التشابك، فقد دخلت كالإسفين بين الشعب البربرية اللغة لبلاد القبائل وإقليم الشاوية. وربما كان دخولها هذا مطابقًا في الزمن لتمكن الهلالية العرب (رياح؟ ) في منازل عجيسة وكُتامة السابقة. ولنطلق علِى هذه الشعبة شعبة هـ 3.
ونحن لا نقر بأننا نحدد النزعة. الدقيقة لمناطق الانتقال بين الشعب المختلفة، أو نجزم بالغلبة الممكنة بينهم لنمط معين من لهجة تناظر أخرى. على أننا نذهب إلى أن شعبة هـ 1 نجحت خلال القرون في الانتشار أكثر على حساب الشعبتين هـ 2 وهـ 3 نتيجة للغلبة السياسية التي تمتع بها أصحاب تلك الشعبة. وكانت حالة هؤلاء حالة بدو رعاة نزاعين إلى القتال تشربوا روح الغزو، يواجهون قومًا كانوا في الوقت نفسه زراعا صغارًا شبه بدو وشبه مستقرين، وقد كانت الشعبة هـ 3 في الوقت نفسه قد ذموا بشدة أملاك الأقاليم المستقرة غربي قسنطينة؛ ومن ثم كان وجود صيغ لهجية مستقرة انبثقت من اللهجة البدوية المتراكبة الطبقات شاهدا حيًّا على طائفة من اللهجات حلت محلها غيرها. على أننا نجد في عهد أحدث من ذلك أن التوسع البدوى اللغوي لم يكبح جماحه فحسب نتيجة لاضمحلال الحياة الرعوية ومنطقته الجغرافية المحدودة، أو قل أه اختفى من نواح كثيرة، بل أن العناصر اللهجية المستقرة أخذت الآن أيضًا تكتسب أرضا جديدة، وخاصة في المناطق الشمالية.
صحيح أن أي تنبؤ أمر محفوف بالمكاره، إلا أننا نميل إلى القول بأن التغيرات الاجتماعية التي تبلو أثارها يوميا شعوب بلاد الجزائر المتحدثة بالعربية، يمكن أن تحول ما اصطلح عليه الناس في الكلام إلى سبل جديدة. وفي الأرض التي يعيشون فيها وفي المدن القليلة العدد التي تكتنفها اسوار تظل أبوابها مقفلة في الليل قد بقى آلاف السنين غرباء دخلاء في عالم ريفى رعوى متداخل جامد. ومدن بلاد الجزائر الحديثة- سواء أكانت من تراث الماضي أم منشآت حديثه وبعضها عامر بالسكان وكلها مراكز للنشاط الاقتصادى- تؤثر تأثير السحر على نواحٍ كثيرة من السلطنة السابقة، حتى

الصفحة 2923