كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 11)

جن
في نظر المسلمين: أجسام هوائية أو نارية، عاقلة خفية تتشكل بأشكال مختلفة، ولها قدرة على الأعمال الشاقة (انظر تفسير البيضاوى لسورة الجن، الآية الأولى؛ وانظر الدميرى: كتاب الحيوان، هذه المادة). "وخلق الجان من مارج من نار" (سورة الرحمن، الآية 15). أما سائر الكائنات العاقلة فهي الإنسان والملائكة، خلق الإنسان من صلصال، والملائكة من نور. على أن الجن يثابون؛ فقد بعث الله النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى الجن كما بعثه إلى الإنس؛ فبعضهم إلى الجنة، وبعضهم إلى النار؛ وصلة الجن بإبليس (أي الشيطان) وصلتهم بالشياطين غامضة. فقد جاء في سورة الكهف، الآية 50، أن إبليس كان من الجن، ولكن الآية من سورة البقرة يفهم منها أن إبليس كان من الملانكة (¬1)، ومن هنا كثر الخلط ونشأت عدة أساطير، وافترضت عدة فروض (ويمكن الرجوع في ذلك إلى تفسير البيضاوى لهذه الآية وتفسير الرازي لها في كتابه مفاتيح الغيب، طبعة القاهرة سنة 1307 هـ، ج 1، ص 288 وما بعدها). ويميل أصحاب المعاجم من المسلمين إلى اشتقاق كلمة جن من الاجتنان أي الاستتار (انظر Lane، هذه المادة، والبيضاوى في تفسير سورة اليقر ة، طبعة Fleischer، ج 1، ص 22) غير أن هذا الاشتقاق بعيد للغاية، كما أن القول
¬__________
(¬1) كلا، الآية لا تدل على أنه كان من الملائكة، ونصها (إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين) فهذا استثناء منقطع، ولغة العرب واسعة، والقرآن يفهم فهما عربيا. وسمى الزمخشرى مثل هذا استثناء متصلا، فقال في الكشاف (ج 1، ص 62 - 63 من طبعة المكتبة التجارية): "استثناء متصل لأنه كان جنيا واحدا بين أظهر الألوف من الملائكة مغمورا بهم فغلبوا عليه في قوله فسجدوا، ثم استثنى منهم استثناء واحد منهم، ويجوز أن يجعل منقطعا". وهنا اختلاف في الاصطلاح. وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (ج 1، ص 128 من طبعة المنار): "إن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم ودخل (إبليس في خطابهم، لأنه وإن لم يكن من عنصرهم إلا أنه كان قد تشبه بهم واتسم بأفعالهم. فلهذا دخل في الخطاب لهم وذم في مخالفة الأمر" والنص القاطع في ذلك كله قول الله في الآية 50 من سورة الكهف: "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه)، والقرآن يصدق بعضه بعضا، ويفسر بعضه بعضا.
احعد محمد شاكر.

الصفحة 3229