كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 11)

ربك، فيأتون بها تمشى على أربع قوائم تقاد بسبعين ألف زمام في كل زمام سبعون ألف حلقة على كل حلقة سبعون ألف زبانى لو أمر زبانى منهم أن يدك الجبال لدكها. وجهنم عند تحركها لها شهيق ودوى وشرر ودخان تفور حتى تسد الأفق ظلمة فإذا كان بينها وبين الخلق مقدار ألف عام انفلتت من أيدى الزبانية حتى تأتى أهل الموقف وهي تكبو من الحنق والغيظ.
على أن تصوُّر جهنم على هيئة الحيوان ليس هو الغالب في القرآن (¬1). ففيه أيضًا تصوُّر معمارى لها يجعلها تتألف من دوائر متحدة المركز على هيئة فوهة البركان ولهذا التصوُّر صورة القديمة، فنحن نجده في الأنهار الجهنمية عند الإغريق، وفي جهنم الأشوريين ذات الأبواب السبعة التي ذكرتها أساطير أشتر. وقد ملك هذا التصوُّر مخيلة العامة في العصور الوسطى في الشرق وفي الغرب وعبر عنه دانتى في مؤلفه أقوى تعبير.
ولم يكن لدى النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا فكرة أولية عن بناء جهنم، فهو يتحدث عن أبوابها ويحدد عددها بسبعة (سورة لقمان، (¬2)، سورة الحجر الآيتان 43، 44). وورد في الكتاب التركى معرفتنامه تخطيط لجهنم، فهي كائنة تحت قاعدة الدنيا فوق الثور والسمكة (فرس البحر والحوت الوارد ذكرهما في الكتاب المقدس) اللذين يحملان الأرض، وهي تتكون من سبع طبقات على هيئة فوهة بركان هائل وفوقها قنطرة تمتد من أقصاها إلى أقصاها، وهذه القنطرة رقيقة كحد السيف تمر فوقها الأرواح كى تدخل الجنة. وتعبرها أرواح الأولياء في لحظة، ويتفاوت الزمن الذي يستغرقه عامة الصالحين في عبور هذه القنطرة، أما
¬__________
(¬1) بل هو لا يوجد في القرآن ولا في شيء مما يعرف المسلمون.
(¬2) جاء في أصل المقال، سورة لقمان الآية 71 وهو خطأ. فإن سورة لقمان كلها 34 آية، وليس فيها شيء يتعلق بهذا المعنى. ولعل كاتب المقال أخذ من أحد فهارس ألفاظ القرآن لفظ "سبعة" فوجده في سورة لقمان في الآية 27 (والبحر يمده من بعده سبعة أبحر) فظنها في هذا المعنى من غير أن يرجع إلى الآية نفسها! !
أحمد محمد شاكر

الصفحة 3255