كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 11)

الضالون فلا يبلغون الجنة بل يسقطون في الهاوية (¬1).
وفي أصل الجحيم شجرة الزقوم طلعها كأنه رؤوس الشياطين (سورة الصافات، الآيات 62 - 65) ومرجل من شوب من حميم وبئر تبلغ دركاتها.
ويختلف العذاب في جهنم المسلمين، فهو يزداد بقدر ذنوبهم، ولا يكاد القرآن يذكر شيئًا عن ألوان العذاب، ولكن بعض الكتاب وصفها، ونخص بالذكر منهم السيوطي المتوفى عام 911 هـ، ولم يرض هذا التصوير المادى المسرف لبناء الجحيم وألوان العذاب فيه جميع المفكرين المسلمين، بل إن الغزالى - وهو التقى المؤمن- قد رأى بعض التأويل. فالصراط في نظره إنما يدل على معنى مجازى، فهو ليس إلا الطريق القويم الذي يسدد به الله خطى المؤمنين وهو يرمز إلى الطريق السوى، وهو وسط بين الأخلاق المتضادة، فهو الحد الفاصل بين الغلو والقصور وفيه يكون الكمال (انظر كتاب الغزالى: المضنون به على غير أهله، طبعة بومباى في آخرها ص 126 (¬2)، ص 25 - 26 طبع بمصر). ويقول ابن سينا إن عذاب جهنم ينصب في الغالب على الأرواح المذنبة التي تحتفظ بشهواتها بعد الممات، ومن ثم فهي تتعذب أشد
¬__________
(¬1) وما قيمة هذا الكتاب التركى، وهل هو حجة في الإسلام؟ أو حجة على حجة على الإسلام؟
(¬2) كلام الغزالى في كتابه (المضنون به على غير أهله) يؤخذ منه المعنى الذي فهمه كاتب المقال أن الصراط يدل على معنى مجازى الخ، فإنه عقد فصلًا طويلًا، ص 25 - 26 من طبعة الحلبى بمصر سنة 1309 قال في أوله: "الصراط حق، وما قيل فيه أنه مثل الشعرة في الدقة فهو ظلم في وصفه، بل أدق من الشعر بل لا مناسبة بين دقته ودقة الشعر وحدته وحدة السيف. كما لا محاسبة في الدقة بين الخط الهندسى الفاصل بين الظل والشمس الذي ليس من الظل ولا من الشمس، وبين دقة الشعر ودقة الصراط مثل دقة الخط الهندسى الذي لا عرض له أصلًا لأنه على مثال الصراط المستقيم، والصراط المستقهم عبارة عن الوسط الحقيقي بين الأخلاق المتضادة. فالغزالى يشبه دقة الصراط في الآخرة بدقة الصراط المستقيم المعنوى الذي هو الوسط الحقيقي بين الأخلاق المتضادة، ويشبهه من قبل بالخط الهندسى الفاصل بين الظل والشمس. وهذا كلام عربي واضع. وقد أفاض في شرح المعنى الدقيق للصراط المستقيم في الأعمال والأخلاق، ثم ختم الفصل بقوله: "جاء في الحديث: يمر المؤمنون على الصراط كالبرق الخاطف" فهذا يؤيد أنه لم يرد التأويل الذي ظنه كاتب المقال.
أحمد محمد شاكر

الصفحة 3256