كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 2)

ومما لا جدال فيه أن محمدا سار لفتح مكة بعد ذلك فخرج إليه أبو سفيان وحكيم بن حزام وخضعا له (وكان أبو سفيان وقتذاك قد غدا مسلما فيما يظهر)، وأمن كل من دخل بيت أبى سفيان. ومن ثم فإن أبا سفيان قد فعل الكثير فى سبيل تسليم مكة بلا قتال، وشهد غزوة حنين وحصار الطائف، ويقال إنه فقد فى هذا الحصار إحدى عينيه. وكان سائر المكيين خليقين بان يدركوا أن هوازن وثقيف تقفان من مكة موقف عداء كما تقفان من النبى. والظاهر أن أبا سفيان قد نال هو وحكيم بصفة خاصة نصيبا كبيرا من الغنائم عند توزيعها اعترافا بخدماتهما. ولما خضعت الطائف التى كانت تربطه بها صلات تجارية وعائلية ساعد أبو سفيان على تحطيم صنم اللات.
وولى أبو سفيان على نجران، وربما على الحجاز أيضا، أما مسألة من ولاه: أهو محمد أم أبو بكر ففيها خلاف. وإذا صح أنه كان فى مكة عند وفاة النبى وتكلم ضد أبى بكر فإنه لا يمكن أن يكون متوليا أمر نجران وقتذاك. ولكن هذا القول المنسوب إليه -مثل كثير من الروايات الأخرى عن أبى سفيان- تدخل فى باب الدعوة المناهضة للأمويين، وقد شهد أبو سفيان معركة اليرموك، ولكن نصيبه فيها قد لا يزيد إلا قليلا عن حض الرجال الذين هم دونه فى السن على القتال، ذلك أنه كان قد بلغ عندئذ حوالى سبعين عاما.
ويقال إن أبا سفيان توفى فى حدود عام 32 هـ (653 م) بالغا من العمر ثمانية وثمانين عاما.
أما أبناؤه فقد توفى يزيد وهو قائد مسلم فى فلسطين حوالى عام 18 هـ (639 م)، وكان معاوية أول الخلفاء الأمويين.
المصادر:
(1) ابن هشام والواقدى وابن سعد والطبرى، انظر فهارس هذه الكتب.
(2) ابن حجر: الإصابة فى تمييز الصحابة، جـ 2، ص 477 - 480.
(3) ابن الأثير: أسد الغابة فى معرفة الصحابة، جـ 3، ص 12 - 13: جـ 5، ص 316.
(4) Annali: Caetani ج 1، فصل 2.
خورشيد [مونتجمرى وات Montgomery watt]

الصفحة 351