كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 12)

وكان القواد من قبيل جنكيز خان وتيمور يخططون بعناية لعملياتهم الحربية قبل أن يشنوا حملة من الحملات، وهذه العناية بالتخطيط وبالتفصيلات تعطى المرء انطباعًا بارزًا بالحداثة بالقياس إلى طرائق الغزاة والقواد القدامى التى هى أدخل فى التجربة والعشوائية، ذلك أنهم كانوا يبعثون بالجواسيس، وقد حصل جنكيز خان فى الحملة المنشورية سنة 1211 والحملة الخوارزمية سنة 616 هـ (1219 م) على معلومات عن الأحوال المحلية لهذين القطرين من التجار وغيرهم ممن خبروا هذه البلاد. ويقول سيفى هروى إن جنكيز خان كان لديه خرائط لأفغانستان أعدت له، وكذلك يذكر ابن عربشاه أن تيمور كان يهتم بالخرائط. وبمثل هذه الوسائل استطاع جنكيز أن يعرف طبيعة أرض سجستان وبلوجستان وأن ينفذ إليهما أقل قوة كافية تحت إمرة ابنه جغتاى ليبلو جلال الدين خوارزمشاه فى عودته من الهند ويقطع عليه الطريق (ا. ز، وطوغان: أممى. تورك تاريخنه كيريش، إستانبول سنة 1946. ص 109 - 110، 425). وكذلك أشاع المغول الشائعات حول ضخامة قواتهم وبعثوا بعملاء سريين لنشر الفرقة والخيانة. وكانوا فى ميدان المعركة يستعملون الأسرى لتضخيم العدد الظاهر لجنودهم، بل لقد استخدموا دمى على متون الخيل (Martin: الكتاب المذكور، ص 59). ولا شك أن هذه الحيل قد أسهمت فى التضخيم الظاهرى لأعداد الجيوش المغولية فيما ذكرته عنها المصادر.
وكان التشكيل الأساسى للجيش المغولى ثلاثيًا يشمل قلبا (حيث يكون فى العادة الحرس الخاص للخان من صفوة المقاتلين "بأتُر" وجناحين يمكن للمقاتلة فى كل منهما أن يكونوا وحدات عسكرية مستقلة. وكان المغول يدخلون أرضًا جديدة فى طوابير يفصل بعضها عن بعض مسافة طويلة مع ستر من الكشافة والرسل لحفظ الاتصال بالطوابير الأخرى. وقد جرى جنكيز خان على محاولة إنزال الهزيمة بالعدو فى معركة شاملة قبل التوغل قدمًا فى أرض يجهلها، وكان عدوه خوارزمشاه

الصفحة 3604