كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 1)

جرى القول بذلك كثيرًا. ودخل الفاتح الكنيسة بعد هذا المشهد الوحشى من مشاهد النهب والسلب، لا على صهوة جواده كما جرى القول، ودعا مؤذنه إلى الصلاة هاتفًا بالشهادة، وخر ساجدًا هو وأتباعه أمام الله الواحد الأحد، وهكذا آل المعبد الذى أقامه قسطنطيوس ويوستنيانوس للإسلام.
وحدثت تغييرات كبيرة جدًا فى داخل الكنيسة تمشيًا مع قواعد الدين المظفر. فقد اختفت الفسيفساء التى كانت تزين الحوائط والأقبية والتى بدت فى عيون مبدعيها من الإغريق أنها صورت لتبقى أبد الدهر، اختفت تحت طلاء من الجير فى لون الرماد (لا شك أن الفسيفساء منذ وصفها أوليا جلبى فى كتابه سياحتنامه، جـ 1، لم يبق ظاهرًا منها للمشاهدين فى أيامه، أى فى القرن السابع عشر، إلا القليل)، وحطموا الحاجز ذا الإيقونات الذى كان يفصل بين القسس وعامة الناس، ونزعوا الزخارف الثمينة التى كانت تزين الجناح الشرقى (الحرم = البيما).
ولما كانت الكنائس البوزنطية القديمة تتجه صوب بيت المقدس، وكان المسلمون يولون وجوههم شطر مكة، فإن الترك منذ الفتح لم يتوجهوا بالدقة نحو الجناح الشرقى للمسجد بل انحرفوا قليلا ناحية الجنوب، وكان الخطيب منذ أيام محمد الثانى يرتقى المنبر متقلدًا سيفا خشبيًا أيام الجمع وعصر كل يوم من رمضان وفى العيدين (عيد الفطر وعيد الأضحى؛ انظر .. Handbuch des Islam.: Juynbool Gesetzes، ص 84، 87)، وكان يقام دائمًا علم على كل جانب من جانبى المنبر، ونحن نعلم، زيادة على ذلك، أن محمدا الثانى قد أقام الركائز الضخمة تدعيما للجدار الجنوبى حيث أقام أيضًا أول مئذنة من تلدُ المآذن السامقة الرفيعة. وبنى سليم الثانى الركيزتين القائمتين فى الشمال والمئذنة الثانية فى الركن الشمالى الشرقي، وابنه مراد الثالث هو الذى بنى المئذنتين الأخريين.
وقد قام السلطان مراد الثالث بإصلاحات شاملة فى المسجد، وكان المقصود بذلك أولا إصلاح العيوب

الصفحة 45