كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 16)

وما انقضت عشرة أعوام حتى حال سى عبد الرحمن التواتى الدرقاوى، بمعونة ثلاثين من أتباعه، وكلهم من قبيلة بنى عامر، أن يفاجئ حصن "سيدى بلعباس" بيد أن حاميته الصغيرة استبسلت في الدفاع عن نفسها، وثبتت للمهاجمين الذين هلكوا كلهم تقريبا.
ويسجل هذا المجد العسكرى ختام عهد البطولة بالنسبة للدرقاوى في إقليم الجزائر على الأقل، وقد أثبتت زواياهم صلابة عقيدتهم وغلوها، وهكذا برروا وجودهم في أعين قوم من المتعصبين. ما كادت تتوطد أقدام هذه العقيدة وتدين بها الجموع، وتنتشر فروعها في طول البلاد وعرضها، حتى قصروا همهم على مضاعفة مواردهم لتمد زاويتهم الكبرى؛ وقد خضعوا لأصحاب السلطان في الظاهر على الأقل. وهذا ضرب من القانون لا يفر من العمل به مسلم من الإخوان. ولم يجهر شيخ من شيوخهم إبان الثورات التي نشبت في جنوب وهران عام 1864 وعام 1881 بالانتقاض على الفرنسيين؛ ثم إنه لما نشبت ثورة مرغريت عام 1898 , التي أشعلها مريد درقاوى في مليانة، لم يسع شيخ الدرقاوى في الإقليم، سى غلام الله، إلا أن يستعمل نفوذه ويهدئ النفوس الثائرة، وقد أخلص الحاج أحمد ولد مبخوت، مقدم الطريقة بين هميان الهضاب على حدود الجزائر الغربية، هو وخلفاؤه، في إتباع إرشادات الفرنسيين. وقصر مقدم الدرقاوى في وهران همه على أمور الطريقة الصوفية، ونصح الإخوان بالخضوع للسلطات الفرنسية.
ونحن نجد درقاوى مراكش على العكس من إخوانهم في الجزائر قد شنوا حربا متصلة على السلطات الفرنسية حتى تم إحتلال الأراضي المراكشية الجزائرية المناوحة للساحل عام 1907 م، وجعلهم احتلال عين الصفرة عام 1881 على اتصال مباشر بالفرنسيين. وقد أعلن الشرف سى محمد الهاشمي بن العربي، ورأس زاوية كوز في إقليم مدغرة، وهي أهم

الصفحة 4886