كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 18)

لمعاهدة كوجك قينارجه. أما فى الغرب فقد أصبح نهر الدنيستر الحد بين الدولتين، على حين تعهد الباب العالى فى الشرق بأن يكبح جماح قبائل التتر التى كانت تنزل الضفة الشمالية لنهر كوبان، وفقدت الدولة التركية القريم إلى غير رجعة.
وما إن انتهت الحرب حتى اهتم السلطان بالإصلاحات الضرورية التى رأى أن لابد منها كى تسترد الدولة قوتها، وكان قد بذل فى مستهل حكمه محاولة فى هذا السبيل بالإصرار على تطبيق القوانين الخاصة بالنفقات (انظر فيما يتصل بهذه القوانين مثلًا محمد غالب: سليم ثالثن بعض أوامر مهمه سى، فى تاريخ عثمانى أنجمنى مجموعة سى = T.O.E.M رقم 8، ص 500 - 504)، وقد دعا بعد ذلك بقليل عددًا من ذوى المكانة والمثقفين من صفوف الجيش ومن رجال الإدارة والعلماء إلى تقديم بعض مشروعات الإصلاح، وحملت المشروعات كلها إلى القصر، والظاهر أن هذه المشروعات قد عولجت على نحو هيأ الفرصة للحزب المناهض للإصلاح بأن يجعل منها مادة للسخرية وأن يبدأ دعوته فى مناهضتها، تلك الدعوة التى لم يكف عنها أبدًا (جودت: تاريخ، جـ 6، ص 7؛ وقد ذكر فى هذا المصدر كل من قدم لوائح فى هذا الصدد) على أن السلطان بدأ عمله بنشاط، فوسّع الديوان بأن جعله هيئة تضم أربعين عضوًا يرأسهم الصدر الأعظم أو المفتى بحسب الموضوعات التى تطرح على بساط البحث، أما اللوائح الجديدة التى بسطت تباعًا فقد أطلق عليها اسم "قانون نامه" أو "نظامات" وعرفت إصلاحات السلطان سليم كلها باسم "نظام جديد". على أن هذه العبارة تطلق بوجه خاص أيضًا على الجنود النظاميين الجدد. وكان من أول الإجراءات التى اتخذها سليم إنشاء خزانة جديدة (إيراد جديد) لسد نفقات النظم الجديدة، وكان عماد تلك الخزينة كل ما يتوفر من الدخل وخاصة ما يتجمع من مصادرة عدد كبير من الإقطاعات التى لم يقم أصحاب الحق فيها بالوفاء بالتزاماتهم العسكرية (محلول أولن زعامت وتيمار)، وقد سنت لائحة خاصة لبحث أمر هذه الإقطاعات، وازدادت

الصفحة 5791