كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 20)

الحكومة التى كانت توليهم وتعزلهم والتى كانوا يعتمدون عليها فى تنفيذ أحكامهم. وكانت هناك أيضًا أنواع من القضايا تؤخذ من اختصاص القاضى، وبذلك أصبح لا يمكن تطبيق بعض أحكام الشريعة. وفى عصر بنى أمية كانت المحاولات التى تأتى بين حين وآخر من جانب السلطات السياسية للتدخل المباشر فى القضاء تقابل بالرفض. لكن هذا الحال لم يلبث أن تبدل فى أيام العباسيين رغم التمسك بخلاف ذلك من الناحية النظرية. والشريعة تعترف إلى حد ما بمحاكم ناظر المظالم والمحتسب، وهى لم للبث أن أصبحت فى طول مدة مديدة من الزمان نظما مستقرة إلى جانب محكمة القاضى. وكان ناظر المظالم مختصا بأحوال تعدى قانون الشريعة مما لم يكن القاضى يستطيع أن يوقفه عند حد، هذا على حين أن اختصاصات المحتسب كانت كاختصاصات الشرطة (¬1) ثم لم يبق للقاضى أخيرا إلا مسائل العبادات والشعائر ومسائل الزواج والأسرة والميراث والنذور، ثم مسائل الأوقاف إلى حد ما. وكل هذه بحسب شعور جمهور الناس ميادين وثيقة الصلة بالدين قليلًا أو كثيرًا، وفيها كان حكم الشرع دائما هو السائد بمقدار ما تسمح الظروف. وكان الناس يتحرزون من المعاصى بمعناها الحقيقى أكثر من تحرزهم من صحة العقود، ذلك أن الصبغة الدينية لأقسام الشريعة المختلفة كانت من أول الأمر متفاوتة فى القوة (Islam: Bergstrasser الموضع نفسه) ففى ميدان القانون التجارى الشريعة لم تطبق تطبيقا كليا، وهذا (¬2) القانون العرفى وما يدخل فيه من "حيل" لا يناقض الشريعة مناقضة صريحة بل يتمسك بقواعدها الأساسية، لكنه يصطبغ بصبغة المرونة، وهو أيضًا قد واصل بناء بعض أنظمته مكملا إياها إكمالا كبيرًا خصوصا فيما يتعلق بقانون الممتلكات وأخرج فى ذلك كثيرًا من المصنفات بما يتصل بالموضوع من أمر الوثائق (الشروط). وأخذت السلطة الدنيوية تستولى شيئًا فشيئا على المسائل المتعلقة بالقانون
¬__________
(¬1) إلى هنا ينتهى ما نقل من المختصر.
(¬2) من هنا إلى قوله: "بما يتصل بالموضوع من أمر الوثائق (الشروط) " مأخوذ من المختصر.

الصفحة 6210