كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 20)

هارون الرشيد بدأت نظم الشعر بلغة العامة (ولم يعتبره المتحذلقون شعرا) وسموا هذا الأسلوب لحنا. أما فى الأندلس فقد ارتفع النظم بالعامية فى الزجل، إلى المرتبة الأدبية. وكان الموشح ضربا من ذلك إلا أنه بلغة كلها معربة. وفى البدء كان الموشح قصيدة تتألف من مقطوعات رباعية الشطرات أو خماسيتها، والشطرة الأخيرة من كل مقطوعة تربط برويها المشترك بين سائر الشطرات الأخيرة كل المقطوعات. وكان لكل مقطوعة رويها الخاص، ولكن البحر كان واحدا فى جميع المقطوعات. أما الخطوة الثانية فهى استعمال أكثر من قافية وأكثر من بحر فى كل مقطوعة. وأحيانا كانت الشطرة الأخيرة من المقطوعة بلغة عامية. وفى الغالب، على أى حال، اتبع الشعراء الأندلسيون الطريقة الأولى وإن كانوا قد حاولوا تجارب عديدة فى القافية؛ وخرجوا على التقاليد القديمة فى الموضوع. وشعرهم يلائم الأوربيين أكثر من شعر شعراء بلاد العرب. ولعل أهم سمات شعرهم هو تصورهم للحب تصورا يوحى بقصص الفروسية وإحساسهم إحساسا جديدا بالجمال الطبيعى.
ولم يعرف الشعراء القدماء شيئًا عن نظرية الأوزان الشعرية، وإنما اكتشف هذا الخليل بن أحمد. ويقال إن الفكرة جاءته عندما سمع حدادا يطرق بمطرقته. ونادرا ما نظر النقاد إلى القصيدة باعتبارها وحدة؛ بل كانت عندهم سلسلة من المحاسن غير متماسكة. وحق أن الشعراء قرظوا لحذقهم فى بعض أضرب فنهم، كوصف النعامة مثلا؛ ولكن كقاعدة كان النقد قديما يعالج الجزئيات والألفاظ فحسب، وآل إلى أن يكون مماحكات فأحد الشعراء يحمد على فنيته فى الانتقال من النسيب إلى وصف الناقة، وآخر يؤاخذ على إتيانه بألفاظ تشاؤم فى البيت الأول من القصيدة؛ وفى حالات أخرى غير تلك كان النقد طائشا أيضًا. واعتقد البعض أن شعراء ما قبل الإسلام -بحقيقة

الصفحة 6278