كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 21)

أنهما أفلحا فى العودة إلى صحار وتزعما المناهضين للحزب الجاهلى حتى استولى المسلمون على البلدة سنة 12 هـ (633/ 34 م)، على أن البلدة ظلت كبقية عمان لا تتصل بالدولة الإسلامية إلا اتصالا واهنا؛ ثم تغير الموقف عندما غزا عمان الوالى الأموى الذى اشتهر بقوته، وهو الحجاج بن يوسف، وضمها إلى العراق؛ وفى سنة 751 م عادت عمان فاستقلت بأمر نفسها، واختارت واليًا هو الجلندى بن مسعود الأزدى، أول إمام لعمان، على أن قصبة البلاد لم تكن هى صحار بل نزوة. وما إن حل القرن العاشر الميلادى حتى كانت صحار قد ارتقت رقيًا كبيرًا وعدت أهم بلدة فى عمان وأجمل البلدان على الخليج الفارسى، ذلك أنها كانت مزدهرة، عامرة بأهلها، غنية، ناشطة التجارة، بل لقد غدت أعظم شأنًا من زبيد أو صنعاء، وكانت منتجعًا صحيًا، تضم أسواقًا رائعة، وتقع وسط مناظر تسر الناظرين، وقد بنيت بيوتها الجميلة بالآجر وخشب الساج، وشيد مسجدها الجامع بجوار البحر.
وقد قام هذا البناء الرائع بمئذنته الشامخة فى الموضع الذى بركت فيه ناقة رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وكان للمحراب سلم حلزونى تتبدى من جوانبه المختلفة ألوان شتى كالأصفر والأزرق والأحمر، وللمسجد مصلى يقوم وسط حرجة من حراج النخيل، وكانت العيون السائغة والقنوات ذات المياه العذبة تزود المدينة بما يلزمها من ماء. وكان جو البلدة كأطيب ما يكون، كما كانت أسواقها الرحيبة تمتلئ بالسلع من كل صنف ولون؛ وكانت صحار هى مخزن السلع الواردة من الصين ومركز التجارة مع الشرق، وكان لها أيضًا شأن فى تجارة اليمن، ومقام ممتاز فى التجارة مع الشرق. أما الميناء الذى كان دائمًا مزدحمًا بالسفن الغادية والرائحة فقد كان طوله فرسخًا وعرضه فرسخًا، وقد ذكر المقدسى صراحة أن لغة التجارة فيها كانت هى الفارسية، وكان التجار من جميع أنحاء العالم يلتقون فيها، وتتصل اتصالا مستمرًا باليمن والصين، وكانت الرحلات إليهما تتزود

الصفحة 6493