صوم (¬1)
صوم وصيام، مصدران من ص وم، وهما يستعملان من غير تمييز بينهما. والمعنى الأصلى للكلمة فى لغة العرب و"الركود والمقام" (¬2) (انظر. Neu Beitrage sem Sprachw.: Th.Noldeke,
¬__________
(¬1) الصوم من الأمور التعبدية التى يقوم بها المؤمن طاعة للَّه. والمسلم يصوم باعتبار أن الصوم ركن أساسى من أركان الدين. فلابد أن يكون الكلام فيه واضحًا دقيقا متميزًا بعيدًا عن إثارة الشبهات المتكلفة بدون مبرر علمى. وكاتب المادة ليس مسلما، والكاتب غير المسلم لا يعنيه عندما يكتب شيئًا فى الإسلام، ما يعنى الكاتب المسلم، ولذلك لا يجئ كلامه دقيقًا ولا كافيًا.
ولهذا كان لا بد من التعليق على ما قاله كاتب المادة لإكمال الكلام واستيفاء عنصر التدقيق والتحقيق. وهذا قد اقتضى فى بعض المواضع العدول عن مجرد ترجمة عبارة الكاتب إلى الأخذ بالعبارة فى الأصل العربى الذى اعتمد عليه والذى هو أكثر دقة فى التعبير عن المقصود؛ لأن الكاتب فى بعض الأحيان قد أخذ المعنى الإجمالى وعبر عنه تعبيرا غير دقيق أو غير مفهوم. وبعض ذلك يرجع إلى عدم تحرى الضبط، وبعضه يرجع إلى عدم وجود مرادف لغوى دقيق لما فى اللغة العربية. ونحن عندما نعدل إلى الأصل العربى نكون أكثر تمسكا بالطريقة العلمية.
هذا ولابد من تنبيه القارى إلى ما قد ينشأ حول موضوع البحث من تشويش فى بعض النقط ذات الأهمية الثانوية, وذلك بسبب انحراف الكاتب عن الطريقة العلمية الموضوعية. فالواجب عليه أن يتكلم فى أصل الصوم الإسلامى -وهو أمر تعبدى وركن من أركان الدين فى الإسلام- كما يجد ذلك فى المصادر التى يعتمد عليها. والتمسك بروح البحث العلمى الصحيح يحتم عليه الابتعاد عن الافتراضات الوهمية وعن الظنون التى لا تقوم على واقع أو دليل ونحو ذلك مما ينزع إليه طائفة من المستشرقين أصحاب الهوى من غمز للإسلام وإنكار أنه وحى من عند اللَّه، ولا مستند لهم فيما يصنعون إلا الهوى. ونحن قد نبهنا على ما استوجب التنبيه من كلام كاتب المادة، لكن لا بد من التنبيه إلى الدلائل القاطعة على صدق الوحى الإسلامى، وقد ألف العلماء قديمًا وحديثًا فى صدق الرسالة المحمدية. وفى كتب علم الكلام الإسلامى كثير من ذلك (راجع مثلا كتاب التمهيد للباقلانى: القاهرة 1947, ص 114 وما بعدها؛ وكتاب أصول الدين، إستانبول 1928, ص 161 وما بعدها؛ وكتاب الإرشاد للجوينى، القاهرة 1950، ص 338 وما بعدها؛ والاقتصاد فى الاعتقاد للغزالى القاهرة 1962، ص 103؛ والمواقف للإيجى مع شرح الجرجانى، إستانبول 1286 هـ وغيرها. . .) ومن خير ما كتبه القدماء كتاب تثبيت دلائل النبوة للقاضى عبد الجبار شيخ المعتزلة المتوفى حوالى عام 415 هـ، وهو ما يزال مخطوطًا بمكتبة شهيد على رقم 1575؛ وكتاب أعلام النبوة للماوردى، وهو قد طبع؛ ومنه مخطوط فى برلين رقم 2527، وفى القاهرة 6 ش (علم الكلام). وقد تناول القاضى عبد الجبار موضوع النبوة فى كتاب المغنى الجزء الخامس عشر، وقد تولى تحقيقه الأستاذ الدكتور محمود قاسم؛ وليرجع القارى أيضًا إلى كتاب "المطالب العالية" لفخر الدين الرازى، مخطوط القاهرة 45 م توحيد من ص 400 ط إلى 420 ط؛ وكتاب نهاية العقول فى دراية الأصول لفخر الدين الرازى أيضا، مخطوط، القاهرة 748 توحيد، الأصل السادس عشر، ص 83 ط - 140 ط ومما كتبه المحدثون كتاب "الوحى المحمدى" للشيخ رشيد رضا.
(¬2) لم يذكر نولدكه المرجع العربى الذى اعتمد عليه. وهو يزعم أن كلمة صوم فى اللغة العربية بمعنى الكف عن الطعام والشراب كلمة أجنبية، وأن المعنى الأصيل للصوم فى لغة العرب هو الركود والمقام وأنه يمكن ذكر شواهد كثيرة على ذلك، وهذا الزعم يحتاج إلى مناقشة: =