كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 22)

والإسبان، وقد اقتصر سلطانها على المدينة وعلى ما جاورها مباشرة؛ وفى الخامس من أغسطس سنة 1551 م حاصر المدينة سنان باشا هو ودرغوث باشا ومراد أغا، واستولوا عليها فى 13 من أغسطس، واستطاع الحاكم، وهو القائد الراهب جاسبار دى فالييه Fra Gaspar de Valier, أن يرحل إلى مالطة مع فرسان الحامية، وقتل معظم المرتزقة؛ وأصبح مراد أغا الوالى الجديد يتولى الحكم باسم الباب العالى حاملا لقب بكلربك، وقد خلد اسمه بالمسجد الجامع القائم فى تجورة، وخلفه حوالى سنة 1554، درغوث باشا، وهو من الشخصيات ذات الشأن فى تاريخ آل عثمان وتاريخ البربر، وبخاصة فى تاريخ طرابلس؛ وقد قتل هذا الرجل فى حصار مالطة (1565 م) ودفن فى المسجد الذى أقامه فى طرابلس؛ وحاولت إسبانيا، كما حاول فرسان مالطة، انتزاع المدينة من الترك، وانتهت حملة 1559 - 1560 بكارثة حلت بهم فى جزيرة جربة، وباءت المحاولة التى بذلوها سنة 1589 - 1590 بالفشل بالرغم من تفاهمهم مع مرابط من المتمردين يدعى يحيى، وكثيرًا ما كانت تدخل سفن (غلايين) مالطة ميناء طرابلس وتحرق سفنها.
وكانت طرابلس مقر الأورجاق الذى يحمل الاسم نفسه، وهو أحد الأوجاقات الثلاثة التى كانت للإنكشارية فى المغرب، وكان كبيرهم الموفد من الآستانة يحمل لقب باشا؛ على أنه سرعان ما قامت حكومة من حكومات الأقلية بين الإنكشارية إستأثرت بالحكم فى طرابلس، كما حدث فى تونس والجزائر، نظرا لبعد المسافة والانحلال الذى دب فى الحكومة المركزية، ونشأت الطبقة العنصرية القلغلى نتيجة للتزاوج بين أفرادها وبين أهل البلاد، وكان النصارى الذين أسلموا كثيرين ولهم سلطان كبير، وكان الباشا يحكم يعاونه ديوان، وكان يرأس الردارة داى، كما كان يرأس الجيش بك، وكان الداى والبك فى كثير من الأحوال هما سيدا المدينة الحقيقيان. وتاريخ طرابلس كله فى القرن السابع عشر ومستهل القرن الثامن عشر يزخر بهذه الفتن التى كان يقوم بها الإنكشارية؛ وكانت الحكومة

الصفحة 6791