كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 22)

المركرية تزداد ضعفا والفوضى تنشب فى الداخل، على حين كان سلطان القناصل يزداد وبخاصة قناصل فرنسا وانجلترا وسردانية من بعد.
وبدأت طرابلس تمر بفترة عظم فيها سلطانها حين تولى أمرها محمد باشا ساقزلى من أهل خيوس، وقد حكم محمد من سنة 1042 هـ إلى سنة 1059 هـ (1632 - 1649 م)، وخلفه زوج ابنته عثمان باشا، وهو أيضًا من خيوس (1649 - 1672 م)، وفى هذه السنوات الستين، التى حدث خلالها حصار خانية المشهور (1645 - 1669)، ازدادت جرأة أسطول القرصان فى طرابلس عما كان عليه فى الماضى، وغنم غنائم كثيرة، وازدانت طرابلس بمساجد كثيرة وحمامات عامة؛ وفى عهد خلفائهما قضت انجلترا سنة 1676 وفرنسا سنة 1685 على صلف هؤلاء القراصنة الذى لا يحتمل بالتهديد وضرب المدينة بالمدافع، واستمر الصراع الداخلى حتى سنة 1711 وهنالك نجح أحمد قره مانلى فى إقامة أسرة حاكمة، بعد أن قتل خصومه، وقد حكمت هذه الأسرة بموافقة الآستانة أكثر من قرن (1711 - 1835). وقد خلفت أسرة قره مانلى آثارًا كثيرة فى طرابلس فى ذلك الجزء الباقى من المدينة الإسلامية المغربية، ومن ثم وجب علينا أن نسهب فى ذكر تاريخ هذه الأسرة.
كان أحمد قره مانلى (1711 - 1745) رأس هذه الأسرة رجلا عالى الهمة جم النشاط، وقد نعمت طرابلس أثناء حكمه الذى دام 34 عامًا بالرخاء الاقتصادى وبالسلام إلى حد ما، وشعر الناس بقوتها أكثر من أى وقت مضى فى داخل طرابلس نفسها حتى فزّان وإقليم برقة، وكشف أحمد النقاب سنة 1721 عن مؤامرة تدبر لاغتياله، فاستولى بمعاونة أسرته وأصدقائه على جهاز الإدارة والحكم فعلا، وكتب مؤرخ اسمه ابن غلبون تاريخ طرابلس حوالى سنة 1731 - 1732. وقد تحدث ابن غلبون فى معظم كتابه عن عهد قره مانلى، وكان ثمة شعراء أيضًا أشادوا بمغامراته وكرمه، على أنه كان قاسيًا وطاغية على أعدائه وعلى كل الذين كانوا يثيرون شبهته، وتوفى وهو كفيف البصر سنة 1745. ويذكر ابن غلبون من مآثره كثيرًا من الأوقاف التى أوقفها على المدينة، كما أنشأ

الصفحة 6792