كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 24)

القواد الأقوياء الذين ثبَّتوا أنفسهم فى جنوب المغرب. وكانت جهود السلاطين فى كل من الناحيتين العسكرية والسياسية محدودة الأفق ومضنية. وعلى الرغم من حسن استغلال الموارد المالية إلا أنها ظلت غير كافية كما أن قلة المبالغ المتاحة للمخزن جعلت من العسير القيام بأى أعمال لها صفة البقاء.
وظلت المغرب متعلقة بما كان سائدًا خلال العصور الوسطى ولذلك أصبح التدخل الأوربى أمرًا لا مفر منه. والواقع أنه لم يقرر مصير المغرب، التى تعد آخر بلاد البحر المتوسط والتى ظلت بمعزل عن العالم الحديث، قبل ذلك بسبب الصراعات بين القوى المختلفة فضلًا عن رغبة فرنسا فى السلام، وقد ساعد ذلك كله على بقاء الأوضاع كما هى عليه.
هذا ولم تكن المغرب على حذر حين دخلت فى حربين مع القوات الأوربية فقد ساند السلطان عبد الرحمن عبد القادر بن محيى الدين (عبد القادر الجزائرى) فى صراعه مع فرنسا وهو الأمر الذى كان من نتيجته هزيمة القوات المغربية فى وادى إيسلى (28 جمادى الآخرة 1260 هـ/ 15 يولية 1844 م) وقام الأسطول الفرنسى بضرب كل من ميناءى طنجة وموجادور، ومن ثمّ عوّل السلطان على عقد معاهدة سلام مع الفرنسيين.
وعقب وفاته قام ابنه وخليفته المدعو "محمد" كنتيجة لأحداث الصراع على الحدود بإعلان الحرب على الأسبان، وبدأ الجيش الأسبانى زحفه من سبتة واحتل تطوان وتقدم نحو طنجة عندما بدأت تتدخل بريطانيا العظمى فى التفاوض حول السلام بين الفريقين.
هذا وقد دخلت الأسرة العلوية فى هاتين المغامرتين مدفوعة فى ذلك بعقدة كراهية الأجانب وتحمسها لفكرة الحرب المقدسة ولكنها خرجت منهما بدون أى إصابات.
وبالرغم من ذلك فقد ازداد التدخل الأوربى فى المغرب خلال عهد مولاى الحسن. وقد قرر مؤتمر مدريد الذى عقد فى عام 1297 هـ/ 1880 م قرارات خاصة بالتجارة والحماية كما اتسعت التجارة الأوربية بالموانى.

الصفحة 7412