كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 24)

ولقد بعث فى السنة الأولى من وزارته سفارة إلى القرامطة نجحت فى إطلاق سراح أسرى الحرب العباسيين، وترتب على سياسته هذه نحو القرامطة أن ظلوا ساكنين لا يثيرون شيئا من القلاقل لمدة عشر سنوات، غير أن هذا العمل من جانبه سَهَّل على خصومه أن يرموه بأنه على صلة بأتباعهم، على أن ادخاره ما يصرف من الأموال على هذه الجبهة قابله نفقة كبرى على الحملات التى وجهت ضد الفاطميين بمصر (301 هـ/ 914 م) وغيرهم من المتمردين فى العراق (303 هـ = 916 م)، ووجد علىّ بن عيسى الوزير نفسه عاجزا عن صرف مستحقات بعض الجند فى العاصمة فثاروا، فاغتنم ابن الفرات الفرصة وتمكن من العودة إلى الوزارة بفضل ما وعد به الخليفة وأمه من إجراء الأموال الجزيلة عليهما، كما ساعدته على تولى الوزارة القهرمانة أمّ موسى بنفوذها الضخم، وكان علىّ بن عيسى قد أساء إليها إساءة لم تغفرها له، وعلى الرغم من كثرة ما صودر عليه من المال وحبسه ورميه بخيانة رجال الدولة (وإن لم يثبت ذلك عليه) واتهامه بالاشتراك مع المتآمر يوسف بن أبى الساج فى فتنته التى أضرمها قبل فترة قصيرة من خلع علىّ بن عيسى، أقول على الرغم من كل هذا فإنه لم يمض عام على هذه الأحداث حتى أخذ الخليفة فى استشارته حول من يوليه مكان خصمه، حتى إذا كان مستهل سنة 306 هـ = (918 م) خلع ابن الفرات من الوزارة وتولاها حامد بن العباس الذى ثبت عدم كفاءته، وحينذاك ألزم علىّ بن عيسى بأن يتولى الوزارة نيابة عنه، ثم ما لبث أن صار الأمر كله فى يده بعد قليل.
ولقد أدت محاولة حامد بن العباس إلى استعادة نفوذه بزيادة الدخل عن طريق زيادة الضرائب على أهل السواد والأهواز وإصفهان إلى ارتفاع حاد جدا فى ثمن القمح ببغداد أسفر عن ثورات عارمة قام بها العامة وطال مداها، حينذاك استغل علىّ بن عيسى هذه الظروف ووظفها حسبما يريد لنفسه وإن رفض منصب الوزارة فى العام

الصفحة 7428