كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 3)

فى إشبيلية بسلطان لا حدّ له ووطد حكمه فيها، وكان الشعراء المبرزون والمغنى المعروف قمر زينة بلاطه. وقد بدأ الأمن يستتب فى الأندلس عندما عاد إبراهيم إلى الولاء لبنى أمية. ومرت إشبيلية فى عهد الخليفة العظيم عبد الرحمن الثالث بفترة سلام ورخاء وإن لم تكسف نور قرطبة، كما ظلت على خضوعها للسلطة المركزية.
ولكن أظهر عصور إشبيلية وأهمها من الوجهة السياسية هو العصر الذى تلا سقوط الخلافة الأموية حين أصبحت حاضرة بنى عباد المستقلين منذ عام 414 هـ (1023 م). وكان مؤسس هذه الأسرة، وهو القاضى أبو القاسم محمد الأول، ابنًا للفقيه الأندلسى اللخمى المشهور إسماعيل بن عباد، واستولى على السلطان واعترف فى أول الأمر بسيادة السلطان الحَمُّودى يحيى بن على ولكنه سرعان ما خلع عن كاهله هذه السيادة الاسمية، ولما توفى أبو القاسم عام 434 هـ (1042 م) خلفه ابنه أبو عمرو عبّاد المعروف بالمعتضد وحكم سبعة وعشرين عامًا امتازت بأعمال القسوة والغدر، ومد ملكه على حساب الإمارات المتاخمة له غربًا وجنوبًا، ولم يصمد له إلا باديس الزِّيرى ملك غرناطة، وتوفى عام 461 هـ (1068 م). وقد اشتهر ابنه أبو القاسم محمد الثانى، ولقبه المعتمد، بمواهبه وتذوقه للشعر، وفى عهده أصبحت إشبيلية ملتقى الفحول من علماء عصره، واستولى على قرطبة من بنى جوهر، ولكنه سرعان ما اصطدم بأطماع ملك قشتالة الأذفونش (ألفونسو) الثالث Alfonso فاضطر إلى طلب النجدة من سلطان المرابطين بالمغرب يوسف بن تاشفِين فعبر إليه يوسف فى الثانى عشر من رجب عام 479 هـ (23 أكتوبر 1086 م) وانتصر انتصارًا باهرًا فى الزَلاقة، وما إن عاد المرابطون إلى مراكش حتى عاود المسيحيون الهجوم، فاضطر المعتمد إلى الذهاب إلى سلطان لَمْتونة يطلب النجدة

الصفحة 786