كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 25)

مذهب ابن سينا فى مواضع عدة. ولكن فخر الدين طعم أفكاره بعناصر من علم الكلام، بينما طّعم الطوسى أفكاره بالصوفية. بقى أن نشير إلى تيار آخر سار جنبا إلى جنب مع التيار الرئيسى المتمثل فى (ابن سينا، الغزالى، ثم ابن رشد فى الغرب والرازى فى الشرق) وهو تيار فيثاغورى جديد يتمثل فى إخوان الصفا الذين تميزوا بطابع صوفى واضح. ويرون أن كلا من الفلاسفة والمتكلمين لم يرصدوا إيقاع الكون إلا رصدا جزئيا، فليس من الحكمة أن تنقسم الموجودات إلى ثنائيات مثل (المادة والصورة، والجوهر والعرض. . إلخ) أو إلى ثلاثيات مثل (الأبعاد الثلاثة أى أحوال الوجود الثلاثة: الضرورى والممكن والممتنع). . إلخ، بل رأى الحكماء الفيثاغوريون أن العدد هو الذى يتضمن كل شئ ويفسره. وفيما يلى أهم ما يميز الفلاسفة المسلمين:
(أ) إنهم يستخدمون "اصطلاحات" أى كلمات ذات معنى فنى وهى إما عربية أو معربة عن اليونانية. أما علماء الكلام -حين يعبرون عن الحقيقة- فإنهم يستخدمون كلمات مستمدة من القرآن والشريعة، إلا أن هؤلاء المتكلمين قد أدخلوا فى تعبيراتهم قدرًا كبيرًا من "الاصطلاحات" الفلسفية ولذلك كانت الظاهرة الرئيسية المميزة للفلاسفة المسلمين هى استخدامهم لهذه المصطلحات بصورة أكثر منهجية وأكثر استقلالية.
(ب) المنطق عندهم كما هو عند أرسطو عبارة عن آلة (أورجاتون) فهو ينطلق بنامن نقطة معلومة ليصل بنا إلى نقطة لم تكن معلومة وذلك عبر خطوات محددة، وأساسه دراسة المفاهيم والمقولات والحكم والقياس والاستقراء. ولم يقبل علماء الكلام هذه الطريقة التى تجمع بين التحليل والتركيب للوصول إلى الحقيقة، إلا أن الغزالى أقر بأن هذه الطريقة لها قيمتها وإن لم تكن قيمة مطلقة. ومن جهة أخرى أخذ الفلاسفة المسلمون فى اعتبارهم وهم يدرسون المفاهيم والأحكام المنطقية المبادئ التى وضعها النحويون العرب. ويتصل بالمنطق

الصفحة 7887