كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 27)

إلى بطن من بطون تميم وهى القبيلة التى أنجبت واحدا من أبرز وأشهر الرجال الذين أمدوا هؤلاء الثوار.
وإذا كان أبوه هو ابن الفجاءة فإنه يقال إن هذا الاسم ليس سوى نعت ممانما اسمه الحقيقى هو "جَعْوانه"، وكان لقطرى بن الفجاءة كنيتان شأنه فى ذلك شأن الكثيرين من زعماء العرب: فكان يكنى فى أيام السلم بأبى محمد، وإن كان الوقت وقت حرب سموه بأبى مَعامه (انظر فى ذلك البيان والتبيين للجاحظ تحقيق هارون)، وإن كل ما نعرفه عنه أيام شبابه لا يزيد عن أنه حارب تحت قيادة عبد الرحمن بن سَمُره مع كثير من غيره من الزعماء كان من بينهم المهلب بن أبى صفرة الأزدى الذى شاء القدر أن يصبح بعد ذلك خصمه اللدود، وكانت محاربته تحت قيادة سمرة فى سبيل إخضاع سجستان 42 هـ (= 662 م) وذلك ما يقرره كل من البلاذرى فى فتوحه وابن عبد البر فى الاستيعاب وابن حجر فى الإصابة ولابد أنه كان قد بلغ من النضج والبلوغ إذ ناداه أصحابه فى سنة 69 هـ (= 689 م) "بخليفة" الأزارقة حين كانوا يمرون بأزمة شديدة الصعوبة لما نالهم على يد المهلب ورجاله من هزيمة نكراء، ونظرا لما كان قطرى مطبوعا عليه من النشاط الجم وعدم الاكتراث بالأخطار فقد استطاع أن يثير نخوة رجاله كما استطاع أن يرد بقايا جيشه ويسير بهم إلى جبال كرمان وأخد فى ترتيب صفوفهم للقتال، فلما فرغ مما فى يده من هذه الأمور ذهب ثانية إلى العراق واحتل الأهواز وهدد البصرة، ومع أن المهلب استطاع أن يقيد من حركاته إلا أنه نجح فى تدعيم موقفه على الشاطئ الدجيل الأسير حتى بعد أن سقط العراق فى يد عبد الملك وذلك نتيجة هزيمة مصعب ابن الزبير عند مَسْكن (72 هـ = 691 م) فلما ولى الحجاج بن يوسف الثقفى العراق عزم على إعادة تعيين المهلب ليقود الجيوش ضد الأزارقة، وما كاد المهلب يتولى القيادة حتى زحف ضد المتمردين وطاردهم حتى كرمان التى كانت مركز قوتهم، ومع ذلك فقد استطاع قطبرى أن يصمد طويلا فى مواضعه، ولدينا عملة فضية ترجع إلى

الصفحة 8351