كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 28)

عندئذ جسدا بغير روح. ولذلك كان لكل مركَب لون سواء أكان هذا المركّب ينتمى إلى العالم الحسى أو عالم ما فوق الحسى. ولون العالم المعقول أبيض، أما لون عالم الروح فهو أصفر، ولون عالم النفس أخضر، وعالم الطبيعة احمر، وعالم المادة رمادى، والعالم الخيالى أخضر غامق، وعالم الجسم المادى أسود. وفى هذا السياق الروحى بوسعنا أن نتذكر الصيغة الشهيرة لنوفاليس: "اللون هو محاولة من المادة لكى تصبح نورا"، وكذلك قول رودلف شيتنر "ليس اللون كيفية من الكيفيات التى توضع على سطح الأشياء، بل هو نور يلمع منبثقا من روح الأشياء لتكشف عن نفسها لأرواحنا".

رمزية اللون:
للألوان قدرة على التأثير فى الكائن البشرى تأثيرا مستقلا عن ذلك الذى تمارسه على جهازه البصرى. كما أن الإحساس باللون هو -فى جوهره- إحساس فردى قبل أن يكون إحساسا جماعيا. وغنى عن البيان أن ثمة رابطة تربط بين الادراك الحسى لدى البشر والقدرة على الاستثارة والحياة النفسية. كذلك اعتاد الناس -منذ زمن سحيق- استخدام الألوان كمنظومة لتوصيل الفكر، وبوصفها "علامات" ورموز للأفكار المجردة. وعلى الرغم من أن كل لون لا يعد رمزا -مسلما به- لصفة تتسم بالعموم، إلا أنه أمكن عزل عدد من الثوابت بفضل الدراسة المقارنة. ولقد لعبت الألوان دورا مهما للغاية فى الطقوس والسحر والخرافة. كما أنه ليس بوسعنا تجاهل تأثيرات اللون النفسية والفسيولوجية والفيزيقية: إذ أن "لغة اللون" هذه -والتى تظهر فى الفن- تكشف عن دور -يصعب وصفه- تلعبه الدرجات اللونية، ولها قدرة على التفاعل لا غناء عنها لفن الرسم. وشاهد واحد من القرآن يكفى للتدليل على أن هذا هو الحال أيضا لدى العرب. فنحن نقرأ فى سورة النحل الآية 13 {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}. وقد سبق أن رأينا فى

الصفحة 8870