كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 29)

على الخارجى أن يتوب، فإذا رفض وقعت عليه عقوبة قاسية. أما الزنديق فلا تعرض عليه التوبة، وإنما يعدم فورًا جزاءً على ردته. وكان الخلفاء العباسيون عادة يحيلون قضايا الهراطقة ومثيرى الفتن أو من يعتبرونهم كذلك إلى قضاة مالكيين، فكان أبو عمر بن يوسف قاضى قضاة المالكية فى بغداد هو الذى حاكم الحلاج وحكم بإعدامه عام 319 هـ/ 922 م. وبنفس الطريقة أعدم متطرفان من الشيعة فى القرون الوسطى هما حسن ابن محمد السكاكينى الذى اعدم فى دمشق عام 744 هـ/ 1342 م وعلى بن الحسن الحلبى الذى اعدم 755 هـ/ 1342 م.

المالكية والتصوف. كمبدأ، لا مكان للتصوف فى مدرسة مالك، فهناك حديث عن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ينهى عن الرهبانية بل يعتبرها بدعة، ولكن كان هناك اتجاه نحو الزهد لم يلفت الأنظار حتى القرن الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى ولكن نتيجة للنشاط الفكرى الكبير الذى حدث فى الشرق الإسلامى ابتداء من نهاية ذلك القرن، انتشرت الصوفية انتشارا كبيرا وبلغت حجما مزعجا بالنسبة للاعتدال الذى كان سائدا. ففى المغرب، كان للصوفية مكانة فى دولة المرابطين بالرغم من الفتاوى التى صدرت تدين وتلعن أعمال الغزالى (المتوفى عام 505 هـ/ 1111 م)، بل إنها ازدهرت فى دولة الموحدين، أما فى الأندلس، حيث لم يكن هناك تسامح، فقد تمتعت الصوفية بفترة نفوذ قصيرة فى زمان ابن مسرة (المتوفى عام 319 هـ/ 931 م) وتلاميذه.
من الصوفية المالكية أبو القاسم الشبلى (توفى فى بغداد عام 334 هـ/ 945 م) وأبو عثمان ابن سلامى المغربى (توفى فى نيسابور عام 373 هـ/ 983 م)، وبعد الغزالى، انتصرت الصوفية على يدى عبد القادر الجيلى الحنبلى (المتوفى عام 561 هـ/ 1166 م) الذى انتشرت مدرسته انتشارا كبيرا فى الشرق والغرب الإسلاميين. ونشر أبو مدين الأندلسى مذهبه فى المغرب وكان من

الصفحة 8986