كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 29)

ليوم واحد على مدى أربع وعشرين ساعة، كصوم اليهود فى يوم الكفارة، وهو العاشر من شهر تشرى فى التقويم اليهودى. ويدلنا على أن هذه الشعيرة الإسلامية المؤقتة التى يبدو أنها لم تستمر إلا عاما واحدا مستمدة من عادة يهودية، فمجرد اسمها وهو "عاشوراء" المشتق من اللغة الأرامية والذى يطلقه بعض يهود شبه الجزيرة على يوم الكفارة يدل على ذلك.
أما صلاة الجماعة الأسبوعية الإسلامية، وهى التى ربما تكون قد فرضت قبل وصول محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] إلى المدينة فهى تشبه ما يسمى عند اليهود بيوم الاستعداد للسبت وهو يوم يبدأ مساء يوم الجمعة عند غروب الشمس. ولذا فقد كان الجمعة فى المدينة فى زمن محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] هو يوم السوق الأسبوعية الرئيسى، وفيه يتوافد على المدينة أكبر عدد من المسلمين من المناطق المجاورة، فيصبح أنسب الأوقات لاجتماع المسلمين فى صلاة جامعة.
وأما عن استقبال القدس الواقعة إلى الشمال أثناء الصلاة (وهو ما توقف بعد العام الأول من إقامة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بالمدينة)، فإنه ليس من المؤكد ما إذا كان القصد منه استمالة يهود المدينة إلى الإسلام، حيث إن الروايات تختلف بصدد قبلة المسلمين فى مكة قبل الهجرة، ومن المستبعد أن يكون محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وأتباعه قد اتخذوا الكعبة قبل الهجرة قبلة لهم، وإلا لكان من الصعب تفسير اختلاف الروايات بصدد هذا الموضوع. فإن كان محمد وأصحابه يستقبلون بيت المقدس فى صلواتهم قبل الهجرة فإن هذا لا يعنى بالضرورة اقتداء باليهود حيث إن بيت المقدس كان القبلة فى صلاة جماعات أخرى فى الشرق الأدنى. وربما كان المسلمون يستقبلون الشرق فى صلواتهم بمكة شأن بعض الجماعات المسيحية [قبل تحول القبلة للقدس ثم للكعبة المشرفة].
أو ربما لم تكن لديهم قبلة على الإطلاق. وليس بالقرآن الكريم أى ذكر لهذه النقطة الفاصلة فى حياة النبى وفى نشأة الإسلام. وقد يكون من الأفضل قبول افتراض أن يكون المسلمون اتخذوا من بيت المقدس قبلة لهم خلال عام محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] الأول فى المدينة كممارسة مؤقتة.

الصفحة 9131