كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 29)

مكة، من بينهم أبو جهل، بينما أسر عدد آخر منهم العباس عم النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وسيقوا أسرى إلى المدينة حيث أمر محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بقتل اثنين منهم هما: النضر بن الحارث وعقبة بن أبى معيط، وعرض إطلاق سراح الآخرين مقابل الفدية.
وقد أضحى لموقعة بدر هذه التى قد تبدو لأعيننا صغيرة غير ذات شأن، أهمية كبرى فى تاريخ الإسلام. وقد رأى محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى هذا النصر تأكيدا قويا لإيمانه بوحدانية اللَّه وبرسالته، {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة الأنفال آية 17، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} سورة الأنفال آية 65، {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} سورة آل عمران آية 123. وحيث إن مدينة مكة التجارية كانت تتمتع بسمعة عظيمة فى شبه الجزيرة العربية، كان لابد للمنتصر على قواتها فى معركة أن يجذب اهتمام الكافة إليه. ولذا فقد رأى محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] نشاطا أكبر من ذى قبل واستطاع أن يستغل المزايا التى أحرزها. فبعد أن وضع ترتيبات افتداء الأسرى من أهل مكة، بدأ فى محاصرة قبيلة بنى قينقاع اليهودية فى حصونها. ولم يجرؤ المنافقون أن يعارضوه معارضة جادة بإبداء تأييدهم لبنى قينقاع صراحة، فى حين تخلت الجماعات اليهودية الأخرى عن إخوتهم فى الدين، فاضطرت هذه القبيلة اليهودية الأولى إلى ترك المدينة، وهاجروا إلى مستوطنات يهودية أخرى فى الشمال، {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} سورة الحشر آية 14.
ولكى يحمى نفسه وأتباعه من هجمات عدو آخر فى الجزء الشمالى من الحجاز، انتهج محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى تلك الفترة خطة هى دليل آخر على قدراته

الصفحة 9139