كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 29)

توجها زواجه من ميمونة بنت الحارث أخت زوجة عمه العباس الذى كان وقتها سيد العشيرة. وتذهب بعض المصادر إلى أن العباس كان حتى قبل ذلك حليفا سريا لمحمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-].
كذلك فإنه مما كان له أهمية كبرى فى التاريخ اللاحق للإسلام أن بعض أبرز الشخصيات المكية، كخالد بن الوليد القائد الحربى العبقري, وعمرو ابن العاص الذى يكاد يماثل خالدا فى عبقريته والذى فتح مصر فيما بعد أثناء خلافة عمر، تحولوا إلى الإسلام. ولابد أن هؤلاء المكيين أدركوا أن الغلبة ستكون لمحمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى شبه الجزيرة فانضموا صراحة إلى صفه، بينما حاول العباس عم النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وأبو سفيان أبرز زعماء مكة أن يضمنا عن طريق المفاوضات السرية مع محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أفضل معاملة لأهل مكة عند استسلامها المؤكد للمسلمين.
وواصل محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى هذه الأثناء غزواته. وقد صادفت قواته هزيمة خطيرة فى أول محاولة كبيرة له لبسط نفوذه على العرب فى الأراضى البيزنطية بالأردن، وذلك فى موقعة مؤتة التى فقد فيها محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ابنه بالتبنى زيد بن حارثة الذى كان فيها قائد فرقة يقال إنها كانت من ثلاثة الآف رجل. كذلك قتل فى تلك الموقعة ضد البيزنطيين جعفر بن أبى طالب الذى كان هو أيضا ممن تتطلع أمة المسلمين فى البداية إلى زعامته، والذى لم يلحق إلا مؤخرا بالمسلمين فى المدينة بعد سنوات قضاها فى الحبشة مع من هاجر إليها من المسلمين قبل ذلك بنحو خمسة عشر عامًا. وبالرغم من هزيمة مؤتة فقد بدأت عدة قبائل من البدو تدرك بعض المنافع التى ستعود عليها من جراء الانضمام إلى محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. بل إن بعض القبائل الكبيرة مثل سليم أسلمت طواعية والتفت حول رايته.
ثم كان أن قرر الحزب المتشدد فى مكة -ضد مشورة أبى سفيان- أن يناصر إحدى العشائر الموالية لقريش، وهى بكر، ضد قبيلة خزاعة الموالية لمحمد، وهو ما كان فى عرف العرب وقتذاك يمثل لدى الطرفين نقضا لصلح الحديبية، مما أتاح الفرصة للنبى أن

الصفحة 9149