كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية (اسم الجزء: 29)

مستهل المعركة أن قوات النبى كادت تواجه كارثة قاضية. وكان السبب الرئيسى فى ذلك تصرفات مريبة من عدد من المسلمين الجدد. غير أن بعض أتباعه نجحوا بعد ذلك فى إرجاع الفارين وإلحاق الهزيمة بالعدو {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} التوبة 25 و 26. غير أن جنده غير المدربين عجزوا عن الاستيلاء على الطائف بسبب دفاعاتها القوية. وبعد ذلك بنحو عام، بعد نجاح غزوة تبوك التى اشترك فيها حوالى ثلاثين ألفًا من أتباع النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، قبل أهل تبوك مصيرهم وأوفدوا الرسل إلى محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] يعلنون استسلامهم للنبى واعتناقهم الإسلام. وبعد رفع الحصار عن مدينة الطائف الحصينة فى بداية عام 630 م عام محمدًا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] إلى الجعرانة للإشراف على توزيع غنائم حنين. وقد غضب الأنصار غضبًا شديدا -وهم الذين كانوا قد عبّروا بعد فتح مكة مباشرة عن خوفهم من أن يختار محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] الإقامة فيها- إذ رأوه يعطى العطايا السخية لأعدائه القدامى حتى يؤلف قلوبهم، ولم يعطهم شيئا. غير أنه خاطبهم فى رقة متناهية أدت إلى انخراطهم فى البكاء وإعلانهم رضاءهم.
وكانت أهم أحداث العام التاسع الهجرى (630 - 631 م) عند المسلمين تقاطر الوفود العديدة على المدينة من مختلف أنحاء شبه الجزيرة لأداء فروض الطاعة نيابة عن قبائلها لفاتح مكة.
وفى خريف ذلك العام، قرر محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] القيام بغزوة واسعة النطاق ضد شمالى شبه الجزيرة، ربما انتقاما لهزيمة مؤتة. وذلك حتى يبقى على ما بات يتمتع به من احترام، ولأن ملك الغساسنة كان يتخذ موقفا عدائيا من محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وأتباعه. وقد دهش النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أن يرى أتباعه بعد انتصارهم فى حنين، عازفين عن الاستجابة لمناشدته الخروج فى الغزوة الجديدة، ربما خشية تكرر هزيمة مؤتة.

الصفحة 9151