كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء

وسبح الله وقال لجماعته بابليون واختلف فِي تفسيره فقيل نهر كبير وقيل نهر كنهركم وقيل نهر مبارك وقيل أن بون فِي السريانية مثل افعل الَّتِي للمبالغة فِي كلام العرب وكأن معناه نهراً كبر فسمى الإقليم عند جميع الأمم بابليون وسائر فرق الأمم عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ العرب فأنهم يسمونه إقليم مصر نسبة إِلَى مصر بن حام النازل بِهِ بعد الطوفان والله أعلم بكل ذَلِكَ. وأقام إدريس ومن مع بمصر يدعو الخلائق إِلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله عزّ وجلّ وتكلم الناس فِي أيامه باثنين وسبعين لساناً وعلمه الله عزّ وجلّ منطقهم ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم ورسم لَهُ تمدين المدن وجمع لَهُ طالبي العلم بكل مدينة فعرفهم السياسة المدنية وفرو لهم قواعدهم فبنت كل فرقة من الأمم مدناً فِي أرضها وَكَانَتْ عدة المدن الَّتِي أنشأت فِي زمانه مائة مدينة وثماني وثمانين مدينة أسفرها الرها وعلمهم العلوم .. وهو أول من استخرج الحكمة وعلم النجوم فإن الله عزّ وجلّ أفهمه سر الفلك وتركيبه ونقطة اجتماع الكواكب فِيهِ وأفهمه عدد السنين والحساب ولولا ذَلِكَ لَمْ تصل الخواطر لاستقرائها إِلَى ذَلِكَ وأقام للأمم سنناً فِي كل إقليم تليق كل سنة بأهلها وقسم الأرض أربعة أرباع وجعل عَلَى كل ربع ملكاً بسوس أمر المعمور من ذَلِكَ الربع وتقدم إِلَى كل ملك بأن يلزم أهل كل ربع بشريعة سأذكر بعضها وأسماء الأربعة الملوك الذين ملكوا. الأول إيلاوس وتفسيره الرحيم. والثاني أوس. والثالث سقلبيوس والرابع أوس آمون وقيل أيلاوس أمون وقيل بَسيلوخَس وهو آمون الملك.
ذكر بعض مَا سنة لقومه المطيعين لَهُ. دعا إِلَى دين الله والقول بالتوحيد وعبادة الخالق وتخليص النفوس من العذاب فِي الآخرة بالعمل الصالح فِي الدنيا وحض عَلَى الزهد فِي الدنيا والعمل بالعدل وأمرهم بصلوات ذكرها لهم عَلَى صفات بينها وأمرهم بصيام أيام معروفة من كل شهر وحثهم عَلَى الجهاد لأعداء دينهم وأمرهم بزكاة الأموال معونة للضعفاء بِهَا وغلظ عليهم فِي الطهارة من الجناية وحرم عليهم لحم الحمار والكلب وحرم السكر من كل شيء من المشروبات وشدد فِيهِ أعظم

الصفحة 9