كتاب رسالة في القرآن وكلام الله

عزيزا عليه ما عنتهم، فكيف يكتم عنهم ما فيه رشدهم، ويتركهم على ضلالتهم، ويستر عنهم الحق والصواب، ولا يرشدهم إليهم، ولا يدلهم عليه، ولا يذكر لهم قولا في ذلك قليلا ولا كثيرا؟!.
هذا ما لا يعتقده مسلم، ثم وإن ساغ له كتمان ذلك، فكيف ساغ له أن يظهر أن القرآن هذا بتلاوته الآيات الدالة على ذلك، وبقوله: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} 1 {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} 2، وغير هذا من الآيات؟! وقوله: "من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات"3، وقوله: "اقرأوا
__________
1 سورة الأنعام، آية (19) .
2 سورة الفرقان، آية (30) .
3 ذكر المؤلف رحمه الله هذا الحديث في "حكاية المناظرة" (ص 38) ، وفي" البرهان" (البرهان) وصححه فيهما، وقال في1 " لمعة الاعتقاد" (ص18) : "صحيح" ولم أجده بهذا اللفظ، إلا أن معناه أخرجه ابن عدي في "الكامل" (7/41) من طريق أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن زيد العمي، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن فأعربه، كان له بكل حرف أربعون حسنة، ومن أعرب بعضا ولحن في بعض، كان له بكل حرف عشرون حسنة، ومن لم يعرب منه شيئا فإن له بكل حرف عشر حسنات".
وأخرجه أبو الفضل الرازي في "فضائل القرآن" (ص143) رقم (111) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/241) رقم (2097) ، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق" (3/1865) رقم (1454) ، والشجري في "الأمالي" (1/119) ، وابن شاهين في "الترغيب والترهيب في فضائل الأعمال" (ص 219) رقم (202) دون آخره.
والحديث بهذا الإسناد ضعيف جدا، للضعف الشديد في نوح بن أبي مريم، فقد رماه ابن عيينة وابن المبارك وغيرهما بالكذب.
"تهذيب الكمال" (30/56) ، "تهذيب التهذيب" (10/486) .
ولضعف زيد العمي، فقد ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم.
"الجرح والتعديل" (1/560) ، "ميزان الاعتدال" (2/102) .

الصفحة 40