كتاب الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق

وأما قوله حسبي من سؤالي علمه بحالي فهذا ليس له إسناد معروف بل الذي في الصحيح أنه قال حسبي الله ونعم الوكيل لم يقل ذلك اللفظ.
وما نُقِل عن الأنبياء المتقدمين إن لم يكن ثابتًا بنَقْل نبينا صلى الله عليه وسلم لم يُحتجَّ به في الدين باتفاق علماء المسلمين لكن إذا كان موافقًا لشرعنا ذُكِرَ على سبيل الاعتضاد لا على سبيل الاعتماد وما ثبت بنَقْل نبينا عن شرع من قَبْلنا فيه نزاع معروف.
وأيضًا فإن مراسيل أهل زماننا عن نبينا لا نَحتجُّ بها باتفاق العلماء مع قُرْب العهد وحفظ الملة فكيف بمراسيل أهل الكتاب التي ينقلونها عن الأنبياء مع بُعد الزمان وكثرة الكذب والبهتان؟!
ثم إن هذا الأثر يقتضي أن إبراهيم اكتفى بعلم الرب عن سؤاله وهذا يقتضي أن العبدَ لا يسوغ له الدعاء اكتفاءً بعلم الربِّ بحاله وهذا خلاف ما حكاه الله عن إبراهيم وخلاف ما اتفقت عليه الأنبياء قال الله تعالى وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ [البقرة 126-129] فهذه دعوة متعددة من إبراهيم وأدعية إبراهيم في القرآن كثيرة.

الصفحة 7