كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الوجه الثالث: أن المنقول عن الصحابة والتابعين من إثبات الصفات
وتقرير النصوص الدالة عليها لا يحصيه إلا الله، فكيف نتسرك المنقول
بالتواتر ويدعى مالا حقيقة له أو يحتج بمورد النزاع؟
الوجه الر] بع: أن نقله عن ابن عباس أنه تاول غير ما اية لا أصل له،
بل المحفوظ عن ابن عباس في تقرير النصوص الدالة على الصفات
وإثبات الصفات أكثر من المحفوظ عن غيره (1) من الصحابة، ولست
تجد في هذا الباب شيئا أكثر من المنقول عن ابن مسعود وابن عباس
و صحابهما، وهم أعلم الناس بالتفسير وتأويل القران.
الوجه الخامس أن نقله عن السلف أنهم تأولوا الاحاديث فهذا
أغرب، هل يقدر أحد قط أن ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين أنه
تأول شيئا من أحاديث الصفات؟ بل هم الذين كانوا يروونها ويحدثون
بها من غير تحريف لمعناها ولا ذكر لتأويل فيها، وعنهم أخذها تابعو
التابعين، ولما صارالناس في زمن تابعي التابعين يسألون عنها علماء
ذلك الزمن من صغار التابعين مثل الزهري ومكحول، وتابعيهم مثل
الاوزاعي ومالك وغيرهما، أمروها كما جاءت، ولم ينقلوا عن أحد من
التابعين تاويلا لها أصلا، بل المنقول عنهم كما قال الاوزاعي: "كنا
والتابعون متوافرون نقول: إن الله فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة
من صفاته " (2). فهذا نقله لما كان زمن التابعين، وهو الايمان بالصفات،
ولم يرد بذلك الايمان بمجرد حروفها، فان هذا لم يتغير، وقد سماها
صفات، ولو كانت متأولة لم تكن صفات. ولهذا لا يسميها محققو أهل
__________
(1) في الاصل: "غيرهم".
(2) أخرجه البيهقي في الاسماء و 1 لصفات (ص 408).
111