كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ذلك ولم يفهموه، ففيهم من يعرف أنه حقيقة قولهم ويقول: إن معاني
هذه الالفاظ لم يبينها، إما لان المصلحة كانت كتمانها، واما لانه هو لا
يعرفها. فمن الزنادقة من يقول هذا، ومنهم من يقول هذا.
وأما الذين شاهدوه فقد شهدوا له بالبلاع، ونحن نشهد بما شهد به
إخواننا الذين سبقونا بالايمان، فانه بلغ البلاع المبين، وعبد الله حتى أتاه
اليقين، صلى الله عليه وعلى آله أجمعين. ولهذا قال أبو عبدالرحمن
الشلمي أحد أكابر التابعين: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن من
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - - عثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما - أنهم
كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر اياب لم يجاوزوها حتى يتعلموا ماقيها
من العلم والعمل (1).
وإذا علم أن الصحابة أخذوا عن الرسول لفط القران ومعناه، بل
كانوا ياخذون عنه المعاني مجردة عن ألفاظه بألفاظ أخر، كما قال
جندب بن عبدالله البجلي وعبدالله بن عمر: تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا
القران، فازددنا إيمائا (2). فكان يعلمهم الايمان، وهو المعاني التي نزل
بها القران من المأمور به والمخبر عنه المتلمى بالطاعة والتصديق، وهذا
حق، فان حفاظ القران كانوا أقل من عموم المؤمنين، فعلم أن بيان
معانيه لهم كان أعم من بيان ألفاظه.
ومن هذا الباب صاروا يروون عنه الاحاديث التي ليست ألفاظها
__________
(1)
(2)
أخرجه أحمد في مسنده 410/ 5 وابن سعد في الطبقات 172/ 6 و 1 بن ابي
شيبة في المصنف 10/ 460 والطبري في التفسير 1/ 74 واسناده صحيح.
أخرجه ابن ماجه (61) والطبراني في المعجم الكبير 165،158/ 2 عن
جندب. قال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح رجاله ئقات.
12

الصفحة 12