كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

متكلمة المسلمين في إمارة هارون، فقال: هل يستطيع ربك أن يخلق
مثل نفسه؟ ن قلت: نعم فقد جعلت له مثلا، وان قلت: لا فقد عجزته،
فقال له: هذه المسالة ممتنعة مستحيلة في نفسها، واذا كانت في نفسها
ممتنعة لم يكن جوابها إلا كذلك، لانك إذا قلت: حلق مثل نفسه فقد
فرضت مثلين أحدهما خالق الاخر، ولو كان مثله لم يكن مخلوقا له ولا
كان الاخر خالقا له، فإن التماثل يمنع هذا الاختلاف ويوجب التساوي
في القدم والحدوب. فبهت الذي كفر.
وهذا جواب سديد، فإن السائل إذا فرض اجتماع ما يمنع
اجتماعهما فقال: ماذا يكون على هذا التقدير؟
قيل له: لا يكون على هذا التقدير الممتنع المحال إلا ماهو ممتنع
محال، واجتماع متماثلين أحدهما خالق الاخر محال في نفسه. كما
يقال: لو فرض أن صانع (1) العالم موجود معدوم أكان يصنعه أم لا؟ ولو
فرض أنه حلق العالم ولم يرد أن يخلقه، أو حلقه ولم يكن قادرا على
حلقه، أو خلقه ولم يعلم كيف يخلقه، أو لو فرض أن الذي حلق العالم
كان عدما أو مواتا، أو غير ذلك من التقديرات الممتنعة في نفسها.
ومثل هذه الاغلوطات من المسائل يسلكها أهل اللد في الجدل في
أمر الدنيا والدين في الاصول والفروع، من جنس الأغلوطات الذي
ابتدعه العميدي السمرقندي (2) في مثل ننبته التي يسميها البرهان ويدعي
أنها قطعية وغير ذلك بفرض أمور ممتنعة، ويستنتج نتائجها على ذلك
__________
(1) في الاصل: " مانع " تحريف.
(2) انظر التعريف به ويطريقته في الجدل في مقدمتنا على "تنبيه الرجل العاقل"
اللمولف) 1/ 19 - 23.
121

الصفحة 121