كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
المعدوم ليعلم كيف الامر مع وجوده، كقوله: < لون فيهما ءالهة إلا ادله
لفسدتا) [الانبياء/ 22]. ومن الاول قوله: < أتم خلقوا من غئر شئء أتم هم
الخلمون!) [الطور/ 35]، يقول تعالى: أيمصور أن يكونوا مخلوقين
من غير خالق خلقهم؟ أم هم الخالقون؟ أيمصور أن يكون الشيء خلق
نفسه؟ فاذا قدر عدم الخالق لزم أن يكونوا حلقوا من غير خالق أو يكونوا
هم حلقوا أنفسهم، وكل ذلك ممتنع، فتعين أن يكون لهم خالق خلقهم.
ولهذا قال جبير بن مطعم: لما سمعت النبي مج! ي! يقرأ هذه الاية في
الصلاة أحسست بفؤادي قد انصدع (1). وكان جبير قد قدم في فداء
الاسرى عام بدر، وكان ذلك أول ما دخل الاسلام في قلبه.
فهذه التقديرات التي تكون في العلم والكلام هي طر! وأدلة
وبراهين قد تبين بها حقيقة الامور، حتى في الأمور العملية دون
الخبرية، فان الانسان قد يكون في حال موجودة محمودة، لا يعرف ما
يكون إذا عدمت من الضرر، فيتركها، فيحصل له من الضرر مالم يكن
يطنه. وربما يطلب وجود أمر لا يقدر إذ وجد ما يكون معه من الضرر،
فإذا وجد كان من الضرر مالا يعلمه. وصاحب النظر والقياس والتدبير
يقدر وجود ذلك المعدوم وعدم هذا الموجود ليبين له بذلك الحال كيف
يكون، فيعلم ما يأتي وما يذر.
فهذه التقديرات إذا كانت لطلب معرفة الحق الذي ينبغي معرفته،
والعمل الذي ينبغي فعله كانت حسنة، وان كانت لرد الحق الذي يجب
قبوله والعمل الذي نهي عنه كانت من السيئات المذمومة. مثل تقدير
فيلسوف قريش ورئيسها الوليد بن المغيرة لما سمع القرآن، وأراد ان
__________
(1) اخرجه البخاري (4854).
123