كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
ألفاظ القرآن، لانه قد كان يبين لهم معاني كثيرة بغير ألفاظ القران،
وذلك هو حديثه. فإذا كان الصحابة قد تلموا عن نبيهم لفظ القرآن ومعناه
لم يحتاجوا بعد ذلك إلى لغة أحد، فالمنقول عن الصحابة من معاني
القران كان في ذلك كالمنقول عنهم من حروقه سواء بسواء، وإن تنازع
بعضهم في بعض معانيه فذلك كما قد يتنازعون في بعض حروفه، وكما
قد تنازعوا في بعض السنة لخفائها عن بعضهم، إذ لم يكن كل منهم تلقى
من نفس الرسول جميع القرآن وجميع السنة، بل كان بعضهم يبلغ بعضا
القرآن لفظه ومعناه، والسنة، كما قال البراء بن عازب: ليس كل ما
نحدثكم سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن كان لا يكذب بعضنا
بعضا (1). ولهذا ما يذكره ابن عباس من الحديث في القرآن والسنة تارة
يذكر من سمعه من الصحابة، وتارة يرسله، لكثرة من سمعه منه، وبعض
ذلك قد سمعه منه، فاما ما كان قبل الهجرة من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه
وما نزل فيه من القرآن من ذلك فلم يشهده، فان النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي وابن
عباس مراهق، وكان عند الهجرة صغيرا جدا.
الوجه الثاني: أن الله تعالى أنزل على نبيه الحكمة كما أنزل عليه
القرآن، وامتن بذلك على المؤمنين، و مر أزواجه بذكر ذلك، وقد بلغ
ذلك الصحابة كما بلغهم القرآن، فلا يحتاجون في ذلك إلى أحد.
والحكمة هي السنة كما قال ذلك غير واحد من السلف، وذلك أنه قال:
< واذ! رت ما يتك فى بيوبجن من ءايخت الله والخ! مة) [الاحزاب /
34]، فما يحلى غير القران في بيوتهن هو السنة، إذ المراد بالسنة هنا هو ما
أخذ عن الرسول سوى القرآن، كما قال في غير حديث: " ألا إني أوتيت
__________
(1) أخرج نحوه الحاكم في معرفة علوم الحديث 14.
13