كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الحق حتى ضلوا، وأن كتاب الله دل على الحق المحض الذي تعقله
العقول السليمة الصحيحة، وهو الحق المعتدل الذي لا انحراف فيه.
فالتفاة أحسنوا في تنزيه الخالق سبحانه عن التشبيه أو التمثيل بشيء من
خلقه بوجه من الوجوه، فإن المماثلة بوجه من الوجوه تقتضي التناقض
والمحال، فإنه لو فرض أن الله تعالى يماثل شيئا من خلقه في علمه أو
إرادته أو غضبه أو حلمه بوجه من الوجوه، كان ذلك الوجه الذي تماثلا
فيه يقتضي أن يجوز على أحدهما ما يجوز على الاخر.
ولهذا جاءت هذه الشريعة بكمال التوحيد والتحميد والتنزيه، فقال
رجل للنبي! يم: ما شاء الله وشئت، فقال: " أجعلتني لله ندا؟ قل: ما شاء
الله وحده ". فجعله بمماثلته له في المشيئة جاعلا له ندا، مع أنه لابد بين
المشيئتين من قدر مشترك ؤاشتباه، ولكن ليس بينهما تماثل وتناد.
ولهذا قال تعالى: < اتم جعلو لله شركا صلقوا كخلقه-> 1 اع/ 16]، وقال
تعالى: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرة وليخلقوا
بعوضة! ". (1) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ان أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين
يضاهون بخلق الله " (2)، حيث فعلوا مثل مافعل، ولو أنه في الصورة
فقط، ولهذا يقال: " أحيوا ما خلقتم " (3). وقال: "من صور صورة كلف
أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ " (4). لانه لما فعل مثل الصورة في
الجسم صار مضاهيا ذاهبا يخلق كخلق الله، فقيل له: حفق التماثل فانفخ
__________
(1)
(2)
(3)
(4)
أخرجه البخاري (5953)، ومسلم (11 21) عن أبي هريرة.
خرجه البخاري (5954) عن عائشة.
خرجه البخاري (5957) عن عائشة.
أخرجه البخاري (2225) ومسلم (0 211) عن ابن عباس.
135