كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

العموم، وميل كثير من أصحابي الشافعي وأحمد إلى أن هذا يوجب دفع
جميع المساواة، فلا يكون الكافر كفوا للمسلم ومساوئا له في باب
الدماء، فلا يكون دمه كدمه، ولا يكون كفوا له. وإذا انتفت المساواة
والمكافأة لم يقتل المسلم بالكافر الذمي. ويقول طوائف: إن هذا
يوجب انتفاء المساواة المطلقة، والاشتراك في بعض الاحكام لا يمنع
انتفاء المساواة، بدليل أنهما يستويان في كثير من الاحكام. و نتم قد
ذكرتم أن ما نفاه الله عن نفسه من الكفؤ والسمي والمثل يقتضي نفي ذلك
من جميع الوجوه، وهذا الاصل اللفطي متنازع فيه، ولابد من تقرير ذلك
بالدليل.
قلت: هذه المسألة تشبه دخول حروف النفي والنهي على ألفاظ
العموم، مثل أن يقول: لا كلمت القوم ولا كلت هذا الرغيف، ففعل
بعض المحلوف، أو مثل قوله تعالى: < لايستوى ضب لناروأ! ف
لجنة > [جث/ 20] هل توجب اللغة عموم النفي أو نفي العموم؟ وفي
هذا الاصل قولان في مذهب أحمد وغيره. ومسالة اليمين مشهورة عند
الفقهاء، فالمشهور في مذهب أحمد -وهو مذهب مالك - أنه يحنث
بفعل بعض المحلوف عليه، والرواية الاخرى عنه - وهي ظاهر مذهب
أبي حنيفة والشافعي - أنه لا يحنث بفعل بعض المحلوف عليه عندهم
كلهم مع الاطلاق، فأما مع قرينة العموم أو الخصوص فلا يبقى نزاع،
مثل إذا قال: لا كلت الخبز أو اللحم، أو قال لامرأته: لا كلمت
الرجال، فهنا يحنث بفعله البعض، إذ لا يراد هنا عموم النفي بل مطلق
النفي. ولو قال: والله لا بنيت هذا الحائط وحدي، ولا نقلت هذا
التراب وحدي، مما تبئن القرينة أنه امتنع من فعل الجميع، لم يحنث
بفعل البعض، أما في الاصول فيذكرون القولين مطلفا في مذهب أحمد

الصفحة 140