كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

للجميع، فلابذ من رفع هذا الحكم، ولا يرتفع إلا برفعه عن الجميع،
كما قيل في نفي الجنس. فان الحكم الذي أثبته الاثبات هو جنس، فإذا
قلت: قام القوم، أثبت جنس القيام للقوم، فانهم لما قالوا: النكرة في
سياق النفي تعم، دخل في ذلك نكرات الأسماء والأفعال. فإذا قال: لا
يقتل مسلم بكافرٍ، عم كل نوع من أنواع القتل، كما عم كل مسلم وكل
كافر، و لفعل نكرة مطلفا، سواء كان فاعله ومفعوله نكرة أو معرفة. فاذا
قيل: جاء القوم أو سلموا، فقيل: ما جاءوا ولا سلموا، كان المنفي هو
الفعل الذي هو نكرة، والنكرة في النفي تعم.
وهذه حجة جيدة بينة، والمفهوم في الاستعمال في الكتاب والسنة
وكلام العرب يوافق ذلك الموالاة في جميعهم (1)، ولذلك لما حرم الله
الدم والخمر والربا وغير ذلك كان تحريفا لافراده، وكذلك الرجل إذا
قال لابنه: لاتكلم هؤلاء، أو لاتخاصمهم، أو لا تاكل هذا الطعام، أو لا
تأخذ هذه الدراهم = فهم جميع الناس من ذلك العموم. وكذلك
الحالف (2) إذا قال: والله لا اكل هذا الرغيف أو هذا الطعام، أو لا
أضرب هؤلاء أو لا أعتدي عليهم، فهم جميع الناس من ذلك العموم.
وسببه - والله أعلم - ما ذكرناه من نفي النكرة التي لا تنتفي إلا بانتفاء
جميع أفرادها، فاما إذا علم سبب النهي وعمومه فذاك يكون عموفا من
جهة فهم العلة، وهو عموم معنوي، وهذا يقتضي في قوله: < لايستوى
نت لئاروأمحف الجنة) [الحشر/ 20] رفع المساواة من هؤلاء وكل
واحد من هؤلاء، هذا في نفي العام المطلق، وأما النفي المبين فيه
__________
(1) كذا في الاصل.
(2) في الاصل: "لذلك الحالفون".
146

الصفحة 146