كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

يخصه، ولكن هو ينتفي عن الله بطريق اندراجه في العموم، أو بطريق
دلالة الفحوى والتنبيه.
فتدبر هذا فانه موضع شريف، فلهذا قلنا: إن نفي السمي والمثل
والند والكفو والشريك عن الله يقتضي نفي ذلك في كل الامور، فليس له
سمي في شيء من الاشياء.
وأما قولنا: "بين الوجودين قدر مشترك "، وهذا يقتضي أن يكون
وجوده مشاركا لوجود غيره، فهذا لفظي اصطلاحي، ليس هو الشرك
المذكور في القران، فان القران نفى أن يكون في الموجودات من يكون
شريكا لده فيما يستحقه من حلقه وأمره وعبادته وحده لا شريك له، ولم
ينف أن يخلق هو سبحانه مخلوقات ويجعل لها صفات، وأنها تسمى
بأسماء توافق أسماءه، فيعقل الذهن أن بين المسميين قدرا مشتركا،
وذلك القدر المشترك ليس له مشاركة في شيء موجود أصلا، في خلق
ولا مر ولا عبادة، وانما هو في اعتبار ذهني، كما يشارك اسمه اسم
بعض عباده في بعض حروفه، فالاشتراك بينه وبين عباده في بعض
حروف الاسماء التي تعقل بالجنان، وليس هذا بشرك في حقيقة موجودة
أصلا. ثم هذا من نعمه وفضله، فانه الذي خلق الانسان علمه البيان،
وهو الذي بالقلم علم الإنسان مالم يعلم.
ولهذا قال النبي غ! م! م لمن قال له: ما شاء الله وشئت: " اجعلتني لله ندا؟ "
وقال: " قل: ما شاء الله ثم شاء محمد". و ثبت المشيئة في مرتبة العبودية (1)
__________
(1) في الاصل: "العبودة".
149

الصفحة 149