كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الرسالة. جعلوه شاعرا للمطابقة التي بين رووس الاي، ومجنونا
لخروجه عن عقلهم وعادتهم، وساحراً لقوة تأثير كلامه في نفوس
المستمعين، فكذلك هؤلاء إذا سموا هذا تشبيها وتجسيفا، لما فيه من
إثبات حقيقة الرفي وحقائق أسمائه وصفاته التي يوافق لفظها لفظ ما
يوصف به العباد = لم يضر ذلك، إذا كان الله في نفسه ليس هو من جنس
المخلوقات ولا مماثلا لها في شيء من الأشياء، وإن كان هذا الاسم
مطابقا لمسماه فانه يكون مذموما إذا علم ذمه بالشرع أو بطلان المسمى
بالعقل.
وليس في كتاب الله ولا سنة رسولي ولا قول أحد من سلف الأمة ذ م
التجسيم، حتى يكون الاسم مذموما في الشرع، وثبت معناه في حق
الخصم، ولا أيضا في الكتاب والسنة ولا لفط أحد من الائمة ذئم التشبيه
بهذا التفسير، بل الذين ذموا المشبهة من سلف الامة كانوا مثبتة
للصفات، وكانوا لنفاتها أشد ذما. والتشبيه المذموم عندهم هو المعنى
الاول الذي أبطله المثبتة، ومنعوا دلالة النصوص عليه في أصله. [ثم]
إن لفظ التشبيه فيه إجمال، فهو مذموم لما ذمه السلف من ذلك، وليس
هو مذموما بالمعنى الذي ينفيه نفاة الصفات. وكذلك لفظ التجسيم في
كلام المتأخرين، لكن معه زيادة أنه ليس [له] ذكر في كلام السلف لا
بنفي ولا باثبات، بخلاف ذلك اللفظ، فانه ذكر بالامرين في كلامهم.
فان أخذ المنازع المعترض ينفي هذا المعنى بما يذكره من الحجج
العقلية تكلم معه في ذلك، وبين له أن ما ينفيه النفاة من هذه المعاني
التي أثبتتها النصوص النبوية وفطرت عليها العقول الايمانية، لا تنتفي بما
يذكرونه من الشبه القياسية بألفاظ مجملة تظهر حقائقها عند الاستفسار.
152