كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

بالاحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأما] لطريق الثاني فمن وجوه:
أحدها: أن نقول: [من] لم يرجع إلى الصحابة والتابعين في نقل
معاني القران وما [يراد] بها كما رجع إليهم في نقل حروفه وإلى لغتهم
وعادتهم في خطابهم، فلابد أن يرجع في ذلك إلى لغة مأخوذة عن
غيرهم، لان فهم الكلام موقوف على معرفة اللغة، وغايته أن يباشر عربا
غيرهم، فيسمع لغتهم ويعرف مقاصدهم، ويقيس معاني ألفاظ القران
على معاني تلك الالفاظ. وهذا إنما يصح إذا سلم اللفط من كلام العربي
هذا ويسلم في القران أيضا من احتمال المعاني المختلفة لمجاذي
واشتراك، والا فمتى كان اللفط من أحدهما دون الاخر دالا على معنى
اخر بطريق الاشتراك والمجاز لم يكن المراد من أحد المتكلمين به مثل
المراد به من المتكلم الاخر، فغايته فيه القياس، وهو موقوف على اتحاد
معنى اللفظين.
ثم من المعلوم أن جنس ما دل على القران ليس من جنس ما
يتخاطب به الناس في عادتهم، وإن كان بينهما قدر مشترك، فان الرسول
جاءهم بمعان غيبية لم يكونوا يعرفونها، و مرهم بأفعال لم يكونوا
يعرفونها، فاذا عبر عنها بلغتهم كان بين ماعناه وبين معاني تلك الالفاظ
قدر مشترك، ولم تكن مساوية لها، بل تلك الزيادة التي هي من
خصائص النبوة لا تعرف إلا منه. فعلم أن عامة من ياخذ معاني القران
من اللغة التي سمعها من العرب العرباء وباشرهم فيها أن يكون قائسا
قياسا يحتمل الضد، و ن يكون ما فاته من الفارق أعظم مما أدركه
بالجامع، وهذا برهان واضح، ولهذا كانوا يقولون ماذكره عبدالرزاق في
17

الصفحة 17