كتاب جواب الإعتراضات المصرية علي الفتيا الحموية - ت شمس - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الخلق كلهم من أهل الحديث والفقه، والكلام والتصوف، والخاصة
والعامة، وتلقوه بالقبول كما تلموا حروف القران، وان تركت روايته في
بعض المواضع لمصلحة راجحة. وانما تنازعوا في صحة قوله: "على
صورة الرحمن "، وتنازعوا في الضمير في قوله: " على صورته " إلى من
يعود؟ فقيل: يعود على مضروب قيل له: " قبح الله وجهك، ووجه من
أشبه وجهك "، فقال: " إن الله خلق ادم على صورة هذا المضروب "، كما
يذكر ذلك طائفة من أهل الكلام، ويروون فيه حديثما باطلا عند أهل
الحديث، لا أصل له (1).
وفيمن جعل الضمير عائدا على المضروب ابن خزيمة، لكنه لم
يحتج في ذلك بحديث؛ لانه كان إماما في الحديث والفقه، يعلم أن ليس
في هذا حديث، لكنه لما روى الحديث الصحيح: "لا يقولن أحدكم
لاحد: قبح الله وجهك، ووجها أشبه وجهك؛ فان الله خلق ادم على
(2) صورته "، وقوله: "إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق
ادم على صورته " (3)، قال: الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم
المضروب والمشتوم، أراد - صلى الله عليه وسلم - أن الله خلق ادم على صورة هذا
المضروب، الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح
وجهه. فزجر - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: " ووجه من أشبه وجهك "؛ لان وجه ادم شبيه
وجوه بنيه، فإذا قال الشاتم لبعض بني ادم: قبح الله وجهك ووجه من
__________
(1) انطر مشكل الحديث لابن فورك ص 7. قال المولف في بيان تلبيس الجهمية
(6/ 424): هذا لا اصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث.
(2) انظر كتاب 1 لتوحيد لابن خزيمة (1/ 81، 82).
(3) المصدر السابق (1/ 83).
174
الصفحة 174
194